الثلاثاء، 10 مايو 2011

الطائر المصري بجناح خليجي نشرت بتاريخ 01-05-2011م


الطائر المصري بجناح خليجي   نشرت بتاريخ 01/05/2011


بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري
  Samy583@hotmail.com



إذا كان الطائر لايأخذ حريته وينطلق عبر الفضاء الواسع محلقا ومتنقلا إلا بجناحيه، فإنني أعتبر مصر ذاك الطائر المحلق بجناحين أحدهما يرفرف شرقا وممتدا إلى دول الخليج، والآخر غربا عبر المغرب العربي. 
عبر سنوات طوال انطبعت وجداننا صغارا ونمت على أمة واحدة، تنطلق عبر وحدة عربية تطل على بحار ومحيطات لها ثقل عالمي، فالخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي مياه ملتفة وحاضنة لدول عربية أبية تمثل عمقا استراتيجيا لمصر من الشرق، وعلى الجانب الآخر يحتضن المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط دول المغرب العربي وشمال أفريقيا ويمثل عمقا استراتيجيا مصريا من الجانب الآخر.

شرق مصر وغربها يمثلان جناحين لهذا العنفوان المصري الذي يتوسطهما، ويمثل الركيزة لكل منهما، والعون والسند إذا اشتدت الخطوب للدفاع عن أي منهما ضد أي تهديد يأتي شرقا أو غربا.
مصر عرف عنها عبر السنين أنها القوة الأساسية في المنطقة، فهي الشقيق الأكبر الذي يقود القافلة سلما وحربا، وعندما تداعى دورها وتقوقعت على مشاكلها الداخلية في العهد السابق، تدهورت الحالة المعنوية والسياسية للمنطقة كلها، ولهذا فإن من المآثر المنتظرة لثورة 25 يناير المصرية المجيدة أن تعود مصر بوهجها الأصيل لدورها المعهود والطبيعي للقيادة والدفاع عن المصالح العربية بعد هذا التراجع الذي ألم بها على مختلف الصعد.
القلق الذي ساور بعض الدول العربية خلال الأيام الماضية من تصريحات وزير الخارجية المصري بانفتاح مصر على كل دول العالم ومنها إيران هو توجس من حقبة جديدة كليا بعد ثورة فاجأت العلم كله، ولذلك فإن هذا التوجس منصب على سياسة مصر الخارجية، وماهي أولوية الملفات في الفترة المقبلة.
 من الطبيعي أن تكون التوجهات المصرية في الحقبة المقبلة أشد التصاقا وفعالية مع الملفات المهمة عربيا، وهي الملفات التي ماتركتها مصر حتى في الحقبة الماضية ولكن فترت قوتها التأثيرية على الصعيد الدولي لانشغال مصر بملفات التوريث والأمن وغيرهما مع إدراك عالمي بقوة مصر الكامنة.
مصر خلال المرحلة المقبلة يُقرأ من الإشارات الصادرة عن قياداتها أنها لن تتخلى عن الملفات الساخنة عربيا وخصوصا القضية الفلسطينية، والتي بدأت بوادر العمل الفعلي في أجندتها بتقريب وجهات النظر الفلسطينية بين السلطة وحماس، وربما خلال أيام تتم المصالحة الكاملة والاتفاق على أطر القيادة الفلسطينية الموحدة للتباحث مع العالم من منطلق موحد وبآراء متفق عليها، وهناك ملفات الجزر الثلاث والتدخل في الشؤون العربية من قبل دول لها توجهات إقليمية، وقد أعلن وأكد وزير الخارجية المصري نبيل العربي "وهو رجل يشهد له بالكفاءة" أن أمن الخليج خط أحمر لن تقبل مصر المساس به، بل إنه أثنى على التحرك الخليجي لدعم البحرين خلال الأحداث الأخيرة ما يؤكد دعم مصر الكامل لدول الخليج العربية ضد أي استهداف من أي قوى كانت، لأنه من غير المعقول ولا المقبول مصريا أن تمس الدول الخليجية بسوء في ظل ثوابت الثورة المصرية بعودة الدور الإقليمي والدولي لمكانته الطبيعية والدفاع عن مجمل القضايا العربية.
علاقة مصر مع الدول الخليجية هي علاقة تاريخية مميزة على جميع الصعد وليست وليدة اليوم فمصر دائما أبوابها مفتوحة لأشقائها الخليجيين وكذلك دول الخليج أبوابها مفتوحة دائما لأشقائها المصريين لأن بينهم علاقة ود بل ونسب بين كثير من الأسر هنا وهناك، ولا يمكن أن تؤثر فيها بعض وجهات النظر السياسية التي هي في الأساس تطلع للأخ الأكبر للقيام بدوره المأمول منه .

مصر ما تأخرت عن دعم أشقائها الخليجيين على مر السنين فقد فتحت أبواب العلم والجامعات لكل الدول العربية وقت أن كان التعليم عزيزا وهو ماتجسد بعد ذلك في وصول العديد من خريجي الجامعات المصرية لأعلى المناصب في بلادهم وكان له أثره في وحدة القرار العربي ووحدة الأفكار وهو ما أعتبره أرقى أنواع الدعم، ودول الخليج خاصة فتحت أبوابها أيضا لإخوانها للعمل والتعليم أيضا بعد إنشاء المدارس والجامعات وهناك العديد من المآثر بين الجانبين يصعب حصرها، وليس وقف تصدير النفط في حرب أكتوبر منا ببعيد فقد كان من أشد أنواع الدعم في انتصار أكتوبر المجيد وكذلك وقوف مصر بكل إمكانياتها لتحرير الكويت كان خير تجسيد للأخوة، وماتقوم به قطر الآن من تحرك لإعادة إخوانها المحاصرين في ليبيا لهو خير دعم عملي وتجسيد للأخوة وقت الشدائد.
مصر الجديدة يجب أن يقف معها أشقاؤها في هذه الظروف، لأنها تُبنى على أسس جديدة لتأخذ دورها الطليعي الذي كان يتمناه الأشقاء، ولذلك يجب دعمها بكل السبل لأنه التوقيت المناسب لذلك في ظل تخوف إسرائيلي مما يحدث، لأن مصر القوية قوة للعرب جميعا، ومصر الضعيفة ستعيد العرب جميعا عشرات السنين للوراء.

ليست هناك تعليقات: