الأحد، 21 أغسطس 2011

سيناء ساحة استراتيجية نشرت بتاريخ 21-08-2011م


سيناء ساحة استراتيجية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  
  Samy583@hotmail.com




بقلم/ سامي زكريا:
 اتجهت الأبصار خلال الأيام الماضية صوب جزء من مصر يمثل بوابة الارتباط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وساحة استراتيجية مصرية في غاية الأهمية لارتباطه دائما بالحروب والأطماع الخارجية فيه التي لم تنته حتى بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وبموجبها عادت بقية سيناء إلى مصر بشروط منها تحديد حجم القوة العسكرية المرابطة فيها.
تحديد عدد القوات المصرية المرابطة بسيناء بناء على الاتفاقية المبرمة بين البلدين نادت مصر كثيرا وعبر سنوات بوجوب تغيير بعض بنود هذه الاتفاقية نظرا لتطورات أمنية تُلزِم الجانب المصري بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى بعض المناطق للسيطرة عليها، ولكن كانت هذه المطالبات تلقى رفضا إسرائيليا دائما، نظرا لخشيتها الدائمة من الجيش المصري، ويقينها أنه الجيش الأقوى في المنطقة والوحيد الذي يمكنه مجابهة القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة بالأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة والغرب عموما، ولذلك تتحاشى حتى مجرد وجود قوات عسكرية مصرية في الجوار ولو لدواع أمنية بحتة.
سيناء هذا الجزء الاستراتيجي في الجغرافيا المصرية مساحته تبلغ مايقرب من 61 ألف كم مربع أي حوالي سدس مساحة جمهورية مصر العربية وبالرغم من ذلك فإن عدد سكانها لا يتعدى المئات من الآلاف ولا يصل حتى إلى 500 ألف في دولة تعدى عدد سكانها الـ 86 مليونا.
هناك فجوة كبيرة بكل المقاييس بين نسبة عدد السكان والمساحة في سيناء تنبه لها العديد من السياسيين وكان منهم الرئيس الراحل أنور السادات والذي تمنى فيما روي من بعض المقربين منه أن يدفن فيها بعد وفاته أي أنه تنبه لأهمية دعمها بكل السبل.
بَصُر هذا الأمر أيضا رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري ووضع خططا لتعمير سيناء وجذب السكان للإقامة فيها، وكان من عوامل الجذب منح الموظف في سيناء ضعف ما يتقاضاه في أي مدينة أخرى مع منحه السكن المناسب بأسعار رمزية وتيسير تحويل أبنائه للمدارس، ما جعل العمل في سيناء قبلة للكثيرين، وبدأت تنمو المعاملات بمدنها مع إنشاء المشاريع وإقامة مدن جديدة بمرافقها المختلفة، ولكن فجأة لم يرض الرئيس المخلوع حسني مبارك عن إنجازات الجنزوري والاتجاه التنموي الذي انتهجه، ولم يكن الجنزوري متحركا في سيناء فحسب بل كانت إنجازاته في مصر كلها فجاءت إقالته التي مثلت صدمة للمصريين وقتها لأنه لم تكن عليه شائبة وكان يعمل من أجل مصر بكل إخلاص، ليأتي بعده أفسد رؤساء الوزراء في مصر عاطف عبيد الذي مثل انتكاسة كبرى نظرا لحجم الفساد الذي استشرى في عهده وبيع شركات ومصانع لرجال أعمال بلا مقابل فِعليّ فانهار الاقتصاد في عهده وتوقفت كل مميزات التنمية في سيناء، ولم يعد أحد يسمع بعد رحيل الجنزوري عن سدة رئاسة الوزراء أي شيء عن سيناء إلا الأخبار السيئة.
سيناء بقعة مهمة جدا بمصر بل وللعالم العربي بأكمله, فهي نقطة الوصل بين آسيا وأفريقيا, وبها العديد من المعادن التي استغلتها الحكومات الإسرائيلية فترة احتلالها, وقامت بسرقة كنوزها المعدنية بل والأثرية، ففيها المنجنيز والفحم الحجري الذي كان من أوائل من اكتشفوه الدكتور مصطفى الفار مدير متحف قطر الوطني السابق، وبها اليورانيوم والعديد من المعادن التي يمكن إقامة صناعات عليها.
الحكومة العسكرية الحالية تنبهت لوجود خلايا لمنظمات تحاول العبث بأمن مصر من خلال استغلال عدم الوجود العسكري الكافي في سيناء، لذلك أرسلت قوات لتمشيط المنطقة بحثا عن الأسلحة وتأمينا لعدم حدوث قلاقل فيها، ولتقضي على هذه التشويشات من بعض التقارير التي تشير إلى عدم تحكم القوات المصرية في سيناء ولتغلق هذا الملف نهائيا، مع أملنا باستمرار وجود الجيش المصري في سيناء وبالعدد الذي تقرره مصر وليس بناء على اتفاقيات تتحكم في وجود أبنائها على أرضهم، فسيناء مهمة لمصر بقدر أهمية القاهرة والشرقية والاسكندرية وغيرها من المحافظات المصرية، ولذلك يجب أن تعود إليها التنمية في شتى المجالات لأنها تمثل حائط الصد الأول ضد أي عدوان، وقلة عدد السكان بها يغري الآخرين فيها وهو ما لا تفريط فيه لأنها جزء لايتجزأ من مصر ومن تراب مصر وقد ذكرت سيناء في القرآن كما ذكرت مصر فهي بقعة مباركة في بلد طيب مبارك.

ليست هناك تعليقات: