الثلاثاء، 10 مايو 2011

زلزال اليابان..هل يوقف النووي العربي؟ نشرت بتاريخ 03-04-2011م



زلزال اليابان..هل يوقف النووي العربي؟ نشرت بجريدة الراية القطرية بتاريخ 03-04-2011م


زلزال اليابان..هل يوقف النووي العربي؟
  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
 Samy583@hotmail.com

الزلزال المدمر الذي اجتاح اليابان وخلف آلاف القتلى والجرحى في شهر مارس الماضي لن تتوقف تداعياته وارتداداته -التي عادة ماتتبع الزلازل- على اليابان فقط، بل ستمتد آثاره لدول العالم أجمع، ومنها بالطبع الدول العربية.

الزلزال العنيف والذي بلغت قوته 8.9 على مقياس ريختر، بالإضافة إلى ماخلفه من قتلى وتدمير جزر بأكملها بعد أن اجتاحها الماء الهادر بارتفاع وصل لعشرة أمتار تقريباً، تأثيره الأشد وطأة وخطراً على البشرية يكمن في المفاعلات النووية التي تأثرت بعنف من قوة الزلزال وتصدعت أجزاؤها، وتوقف نظام التبريد فيها مما يهدد بانفجارها في أية لحظة، ولذلك تقوم السلطات اليابانية وفي سباق مع الزمن باستخدام كافة الوسائل الممكنة لتبريد المفاعلات لتجنب الانفجار الذي قد تنتشر الجزيئات الالكترونية الناتجة عنه إلى العالم كله، وبالتالي التأثير على جميع الكائنات الحية وبالطبع منها الإنسان.

المواطن الياباني كانت البداية لديه في مياه الشرب التي تعدى التلوث فيها المستويات المسموح بها دولياً، ثم بدأت السلسلة الغذائية تتأثر من مأكولات وغيرها ليمتد الخطر لمياه المحيط الهادئ القريبة من المفاعلات والتي ستنقل هذه التأثيرات الخطيرة عبرالتحركات والتيارات المائية إلى أبعد نطاق ممكن.

ماحدث باليابان له تأثيره على العالم العربي والذي بدأت أبعاده بحظر العديد من الدول استقبال السلع اليابانية في الوقت الحالي، ووصل الأمر لمراجعة المخططات النووية لدى عدد منها، وهنا مكمن الخطورة في منطقتنا لأنه سوف يتزايد النقاش مرة أخرى، هل نستطيع بناء مفاعلات ذرية وبنسبة أمان عالية؟، أم نبتعد عن هذه التكنولوجيا المتطورة بكل ما فيها من طاقة عالية وفتح مجالات مدنية وعسكرية لأن عدم السيطرة عليها سوف يؤدي إلى رعب فعلي يظل لآماد طويلة؟.

الكارثة النووية اليابانية ليست الأولى في العالم فقد سبقتها كارثة تشيرنوبل التي حدثت في أوكرانيا أيام الدولة السوفيتية قبل انهيارها، وسببت ذعراً في العالم كله وأدت إلى توقف البرامج النووية في العديد من الدول ومنها دول أوروبية أعلنت تجميد برامجها لإنشاء محطات نووية أخرى، وكانت مصر قد بدأت فعلياً في ذلك الوقت بوضع الأسس لبدء إقامة أول مفاعل ذري، ولكن كارثة تشيرنوبل تسببت في تأجيل المشروع ووضعه على الأرفف لسنوات، حتى عادت الفكرة في السنوات الأخيرة بضغط شعبي ودعم رسمي بعد أن أصبحت دول عديدة في دائرة الدول النووية ومنها بالطبع إيران التي طورت برنامجها والمعلن عنه أنه للطاقة للسلمية، وكذلك عدم انصياع إسرائيل لمطالبات مصر والدول العربية بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من النشاط النووي، لذلك أضحت مصر ليست بمنأى عن التهديد النووي المحيط، وفي كل الأحوال أصبحت مطالبة بتأمين نفسها بقوة ردع وكذلك توفير الطاقة من سبل أخرى غير النفط وكهرباء السد العالي الذي بدأ يتهدده إقامة إثيوبيا السدود التي ستؤثر على حصة مصر من مياه النيل وبالتالي التأثير على إنتاج الكهرباء من السد العالي عاجلاً أم آجلاً.

مصر وبعض الدول العربية بدأت في العام الماضي التخطيط الفعلي لإقامة مفاعلات نووية للأغراض السلمية ومنها السعودية والإمارات، ووجدت دعماً من قبل العديد من الدول الأوروبية للإقدام على هذه الخطوة، بل إن مصر أعلنت عن مناقصة دولية لإقامة أول مفاعلاتها في منطقة الضبعة، بعد أن استقر العلماء على هذه المنطقة كأفضل مكان لإقامته، ولكن في ظل ماحدث باليابان وعدم قدرة المارد الياباني الجبار في التكنولوجيا العلمية بشتى صورها على التعامل مع ماحدث لمفاعلاتها قد يكون تحذيراً للدول العربية بأن صعوبة إقامة المفاعلات النووية لاتقل أيضاً عن صعوبة التعامل مع هذه المحطات إن لاقدر الله حدث بها أي تسرب كما هو الأمر الآن باليابان وكما حدث بكارثة تشيرنوبل من قبل في عام 1986 وأدت لوفاة الآلاف متأثرين بالإشعاعات المتسربة من المفاعل بعد انفجاره، ومازال تأثيره قائماً حتى يومنا هذا، أم لدى حكوماتنا إجراءات للسلامة والأمان تجنب المنطقة ما قد يحدث مستقبلاً، وخصوصاً ان منطقتنا بعيدة عن حزام الزلازل التي تقبع اليابان في دائرته، أم أن الخطر النووي الإسرائيلي سيظل ماثلاً ومهدداً وبالتالي فلابد من موازنته ومجابهته بإقامة هذه المفاعلات، لأن الخطر ماثل في كل الأحوال بالمفاعلات الإسرائيلية وغيرها التي أقيمت في المنطقة.
التهديد إذن قائم ولن يوقفه إلا إزالة المفاعلات الإسرائيلية ومثيلاتها أو إقامة التوازن على الأرض بإقامة المفاعلات العربية وكلا الأمرين يحتاج لدراسة علمية تشمل جميع التخصصات العلمية والاجتماعية في العالم العربي، أو إقامة مؤتمر تقدم فيه البحوث المختلفة التي يبت فيها على رأي واحد في نهاية جلسات المؤتمر، فهل يحدث ذلك من أجل مستقبل هذه الأمة وإنسانها.

ليست هناك تعليقات: