الأحد، 29 مايو 2011

الحرج الباكستاني نشرت بتاريخ 29-05-2011م



الحرج الباكستاني               نشرت بجريدة الراية القطرية الأحد 29/05/2011

  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري
  Samy583@hotmail.com



الأشهر الأولى من عام 2011م تمثل ظاهرة تحتاج بحثاً ودراسة، لتلاحق الأحداث خلالها بشكل يدعو للتأمل، لأن مفاجآت ماحدث استدعت من الذاكرة أحداثا مرت عليها سنوات، وقد تكون ذاكرة العديدين تناست أمرها مع نضج جيل جديد أصبح في ريعان شبابه حدثت هذه الأمور وهو صغير لم يكن يدرك ماحوله.
على رأس هذه الأحداث تأتي الثورات في بعض الدول العربية التي عانت شعوبها من القهر لسنوات اعتقد الجميع أن السكون تحول إلى خضوع جرّأ القيادات الفاسدة لهذه الدول على ارتكاب المزيد من الحماقات التي عجلت بثورات قالت لا للظلم، ورفعت الأفواه الصامتة لسنوات حناجرها منادية بتغيير أفضى لتحقيق جزء من هذه الأهداف بقيادة هؤلاء الشباب الذين عاصروا الظلم صغارا وشبابا، فأبوا أن يقنعوا ويخضعوا فثاروا وأزالوا الطغيان والفساد ومازال التغيير العربي مستمرا للوصول للحرية المبتغاة والحياة الكريمة.
ومن هذه الأحداث التي شهدها هذا العام الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الثاني من هذا الشهر ليشكل مفاجأة مدوية بعد سنوات طوال من المحاولات الأمريكية الفاشلة اعتقد العالم خلالها أن الوصول إليه من المستحيلات نظرا لذكائه وحرصه الشديدين.
أحداث 11 سبتمبر والتي اتهمت فيها القاعدة بتدمير برجي التجارة العالميين ومقر وزارة الدفاع الأمريكية مثلت للولايات المتحدة صدمة كبيرة، بل وصفعة مؤلمة في أوج عنفوانها، نظرا لتدمير منشآت تمثل بالنسبة لها رموزا تجارية واقتصادية، ومقتل المئات من المدنيين، ما جعلها تتحرك بمنطق الأسد الجريح الذي يريد استرداد كرامته، فكانت القسوة في التعامل الدولي ما عجل بضرب أفغانستان بذريعة القضاء على الإرهاب، ومن ثم غزو العراق، وكلها كانت تداعياتها كارثية على شعبي الدولتين بل وشعوب العديد من الدول التي تأثرت بهذه الحروب التي لم يكن وراءها سوى استعادة الكرامة والهيبة لقوة عظمى.
من الدول التي تأثرت بشدة بالتحرك العسكري الأمريكي والدولي بحجة مكافحة الإرهاب كانت باكستان فهي دولة ذات موقع استراتيجي في المنطقة ولها حدود طويلة مع أفغانستان يصعب السيطرة عليها، بالإضافة لوجود قبائل مشتركة تتخطى الحدود ذهابا وإيابا، ومِن قبل كانت السند الرئيسي للمقاومة ضد الغزو السوفييتي السابق لأفغانستان الذي استمر عشر سنوات "من عام 1979حتى عام 1989"، فكانت التحركات العسكرية والدعم عبر الحدود شيئا طبيعيا حتى وصلت بها الأمور أن تصبح وسط المعركة الدائرة بدواعي مكافحة الإرهاب.
القيادة الأمريكية ظلت تلاحق بن لادن للانتقام منه على خلفية اتهامه بقيادة القاعدة والضلوع في أحداث 11سبتمبر، تارة تنفي باكستان وجوده على أراضيها وتارة أخرى يأتي النفي أفغانيا، حتى إذا ما أعلن عن مقتله هللت كابول فرحا بعدم وجوده على أراضيها واتهمت شقيقتها باكستان بإيوائه بل وإيواء الإرهابيين أيضا.
باكستان وقعت بين فكي كماشة إذن، اتهام أفغاني بزعزعة أمنه وإيواء الإرهاب، فإذا ما كانت تعلم بوجوده على أراضيها فعلا فإن الإتهام نفسه سيكون أمريكيا أيضا، وبذلك يزداد الضغط عليها وتقترب المسافات أكثر في العلاقات بين واشنطن ونيودلهي مما يسهل على الهند الحصول على صفقات السلاح التي تطلبها والتي كانت تعترض عليها دائما باكستان بالإضافة للمكاسب الدولية التي تحصل عليها نيودلهي جراء ذلك.
وفي الداخل الباكستاني أصبحت الحكومة في موضع الشبهات بعد الإعلان عن مقتله سواء كانت على علم بوجوده فالاتهام الشعبي بالتفريط في ضيف والسماح لقوات أجنبية بالتعدي على حرمة الأراضي الباكستانية وتنفيذ عمليات عسكرية، وإذا لم تكن تعلم بوجوده كما تدعي وتم قتله فإن الإدانة الشعبية تظل على قوتها بالتساؤل عن كيفية تنفيذ عملية بهذه الدقة بلا علم الحكومة والجيش فأين وجودهما؟.
السيطرة على قاعدة بحرية باكستانية من قبل القاعدة خلال الأيام الماضية وتدمير قطعتين حربيتين من أصل ثلاث قطع من هذا السلاح يمتلكها الجيش الباكستاني، ومقتل العشرات خلال استعادة القاعدة البحرية من قبل الجيش الباكستاني، والتفجيرات العديدة التي تقتل العشرات من أبناء الشعب الباكستاني انتقاما لمقتل بن لادن هي تصرفات خاطئة في كل الأحوال فمن سيدفع ثمنها هو الشعب الباكستاني من ماله ودماء أبنائه، وما انسحاب بعض الوحدات الأمريكية وتقليص عددها بطلب من الحكومة الباكستانية سوى جزء من تداعيات الإعلان عن مقتل زعيم القاعدة على الأراضي الباكستانية فسواء علمت الحكومة بالعملية أو لم تعلم فإنها وضعت بين فكي رحى وأصبحت في حرج شديد سواء في الداخل أمام شعبها أو في الخارج أمام واشنطن وربما تكشف الأيام المزيد عن ماحدث وماهي الحقيقة الكاملة التي ربما لم تعلن بعد؟.

الأربعاء، 25 مايو 2011

العنت الإسرائيلي نشرت بتاريخ 25-05-2011م


     العنت الإسرائيلي                             نشرت بجريدة الراية بتاريخ 25-05-2011م

  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
samy583@hotmail.com

القضية الفلسطينية تظل أم القضايا العربية والاسلامية، سواء انشغل المواطن العربي بهمومه اليومية أو العائلية أو أمور دولته، فالقضية الفلسطينية تشغل دائما الحيز الأكبر في تفكيره وقد تعكر عليه صفو حياته لأنها قبل أن تكون قضية قومية فإنها قضية دينية.
فلسطين التي اغتصبت في عام 1948م أي مر على احتلالها مايقرب من 63 عاما يظل الأمل العربي في عودتها قائما، لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب والأرض هي أرض عربية منذ آلاف السنين وكانت قبلة أولى للمسلمين وهي موقع مقدس للمسيحيين لأن بها كنائس تعد قبلة لمسيحيي العالم وعلى رأسها كنيسة القيامة وقد استمر الاحتلال الصليبي لها أكثر من 88 عاما وما يئس العرب والمسلمون من عودتها حتى حررها صلاح الدين الأيوبي.
مسلمو فلسطين ومسيحيوها يشكلون خط الدفاع الأول عن المقدسات الاسلامية والمسيحية، وما تعلنه الحكومة الإسرائيلية لا يعبر أبدا عن النية الحقيقية لهذه الحكومة، فنتنياهو معروف بمواقفه السابقة والآنية بأنه مستعد للتفاوض عشرات السنين بلا نتيجة وقد صرح بذلك من قبل، ومعه ليبرمان المعروف بمواقفه العنيفة وليست المتشددة فقط من العرب والمسلمين وباقي أفراد الحكومة هم على النهج نفسه.
تحدث أمس رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي ولم يقل جديدا، فالمواقف الاسرائيلية لم تتغير، ومع ذلك صرح بأن إسرائيل ستبدي سخاء شديدا تجاه حجم الدولة الفلسطينية المقترحة ولكنها لن تعود إلى حدود عام 1967م ولن تقبل تقسيم مدينة القدس، وأبدى أيضا استعداد اسرائيل لتقديم تنازلات مؤلمة في سبيل تحقيق السلام مع العرب، فأي تنازلات سيقدمها؟.
الكلام الإنشائي الذي صرح به نتنياهو بتقديم تنازلات نسفه تماما في الوقت نفسه بإعلانه عدم استعداد إسرائيل للعودة لحدود 1967م، وعدم التطرق لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في أي مفاوضات لأن حلها من وجهة النظر الاسرائيلية يكون خارج حدودها بالإضافة إلى عدم الاستعداد لتقسيم القدس حيث قال إن القدس الموحدة ستظل عاصمة لإسرائيل.
هناك أسس لا أعتقد أن عربيا واحدا يجرؤ على التنازل عن أي منها أولها القدس التي وافق العرب على القليل منها بأن تصبح القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية القادمة وتترك الغربية للدولة المغتصبة، والقدس الشرقية بها المسجد الأقصى والكنائس المسيحية.
وحق العودة لكل فلسطيني غادر قريته أو مدينته لأنه حق مقدس لايستطيع أحد الوقوف ضده لأن المتسبب في تهجير العرب من ديارهم هو الاحتلال الغاشم، وكل القوانين الدولية تمنح الانسان الحق في العودة لدياره التي هجر منها.
وحدود عام 1967 تمثل الحد الأدنى من الأراضي التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية.
المتفحص للخطاب الإسرائيلي يجد أنه لم يتغير سوى في الأسلوب لأن اللاءات ظلت كما هي لا لحق العودة ولا لتقسيم القدس ولا لحدود 1967م فعلى أي شيء سيتفاوض العرب إذن؟.
إسرائيل المغتصبة لم تتغير ولن تتغير لأن أطماعها لاتنتهي منذ إنشائها، ربما تكون الثورات العربية الحالية تجعل خططها تتغير وخطابها يتغير ولكن أهدافها لم ولن تتغير، فبناء المستوطنات لم يتوقف حتى قبل إلقاء نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي أمس وافق على إنشاء وحدات استيطانية جديدة وزرع القدس الشرقية بها حتى لايكون هناك مجال لحديث عن شيء فيها أو مفاوضات عليها ونزع الملكيات العربية لم يتوقف وكذلك سحب الهويات من سكانها مازال مستمرا.
الخطاب الإسرائيلي أمس كان موجها للعالم باستعدادها تقديم تنازلات مؤلمة من أجل السلام وفي الوقت نفسه إجراءات على الأرض لاتوحي أبدا بهذا الاستعداد للسلام، لذلك يجب أن يبدأ العرب حملتهم المضادة بكشف هذا الزيف الاسرائيلي وخداعه أمام العالم كله، لأن الحملة الاسرائيلية يجب أن تقابلها حملة عربية.
إسرائيل بقيادتها الحالية لاتبشر بسلام قادم والضغط الامريكي منقوص لأن الانتخابات الأمريكية على الأبواب واللوبي الصهيوني متحفز لأي موقف أو ضغط سيولد نتيجة عكسية على أي مرشح في ظل عدم وجود لوبي عربي ويظل الأمل فقط في وحدة عربية تكون المؤثر الحقيقي على القرار الأمريكي والإسرائيلي معا.

الاثنين، 23 مايو 2011

قطر الرائدة نشرت بتاريخ 23-05-2011م

  قطر الرائدة          نشرت بجريدة الراية القطرية بتاريخ23/05/2011

  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث 
  Samy583@hotmail.com


المتتبع للشأن القطري ويلمسه عن قرب يزداد إعجابا كل يوم بما تحققه القيادة القطرية في جميع المجالات من إنجازات تعد انطلاقة هائلة بكل المقاييس، انعكست على المواطن والمقيم على ثراها بطفرة جعلت المواطن القطري في التصنيفات العالمية ضمن أعلى دخل في العالم، مع نهضة عمرانية غيرت معالم الدوحة بأبراج وشبكة طرق ومجموعة من الكباري والمنشآت الحديثة ومطار يستوعب الحركة النشطة منها وإليها.


قطر اليوم ليست قطر الأمس، وقطر الغد هي ليست قطر اليوم، هكذا هي كل يوم في تجديد وتطور دائمين، وعندما نقول هذا فإنها شهادة سنحاسب عليها أمام الله فهذا هو الواقع المتجسد على هذه الأرض الطيبة التي تستقبل الجميع بكل ود وترحاب وتفتح أبوابها لكل من يستطيع أن يقدم شيئا جديدا يكون لبنة في بناء وطن على أسس علمية.


الأسس العلمية التي استشرفتها قطر منذ سنوات من أجل النهضة المنشودة، فأقامت مدينة علمية على أعلى مستوى اجتذبت إليها أرقى الجامعات العالمية لتكون في متناول الأسر بتعليم أبنائها تحت أعينها وفي بيئة شرقية، وتم اختيار الدكتور محمد فتحي سعود ليكون رئيسا لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وكان مستشارا للتعليم العالي، وشارك في وضع خطط وتطوير المدينة التعليمية، وهو رجل يجمع بين الإمكانيات العلمية والتنظيمية الكبيرة والخلق الرفيع الذي هو سمة العلماء المتمكنين والمخلصين لعملهم وأمتهم، وقد قدر لي أن أكون أحد طلابه الجامعيين في الثمانينيات فلمست هذا الرقي العلمي والأبوي فما يذكر اسمه إلا وأشعر بإجلال وعظمة هذا الرجل، وهو ما يؤكد دقة اختيار القيادة القطرية بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.


القيادة القطرية وضعت هدفا وخططا مستقبلية وباشرت في تنفيذها على أرض الواقع، فلم يعد الاعتماد في الدخل القومي على البترول والغاز فقط، بل بموازاة ذلك دخلت الصناعات البتروكيماوية، وتم إنشاء أكبر مصهر ألمونيوم في العالم، وأصبح الطلب على الحديد القطري كبيرا لتميزه، ودخلت بقوة في إنتاج الأسمدة وأوجدت لها مكانا وحصة كبيرة في التصدير العالمي بلغ في بعض المواد نسبة 15%، هذا بالإضافة للدخول في مشروعات عملاقة شراءً أو مشاركة ما يؤدي إلى تنوع مصادر الدخل، وهي استراتيجية واعدة يظهر تأثيرها وقت الأزمات العالمية في عدم تأثر الاقتصاد القطري بوجود انخفاض في أسعار تصدير منتج ما نظرا لوجود البدائل الإيجابية فتكون النتيجة استقرارا اقتصاديا.


العمل على المستوى الداخلي يوازيه عمل على المستويين الإقليمي والدولي، فقطر لا تتأخر عن مد يد العون لجميع دول العالم، فما من كارثة بيئية كزلزال أو موجات مد مياه أو غيرهما تحدث في أي بقعة كانت في العالم إلا وتكون قطر في مقدمة الدول التي تهب بالمساعدة بقدر ما تستطيع، وتظل المساعدات القطرية مميزة ومقدرة لأنها تنبع من إخلاص وبلا أهداف قد تكون في أجندة دول أخرى، بالإضافة لمواقفها القومية الرائدة التي تفردت بها ولنا أن نتذكر موقف القيادة القطرية من وحدة اليمن والوقوف مع أجندة الوحدة لآخر لحظة حتى تحقق المراد بوحدة كانت حلما، ودورها في عودة الوئام اللبناني، وموقفها الصلب من حصار غزة ووجوب فك هذا الحصار، وكذلك مساندتها لثورتي تونس ومصر، والآن دعمها لثوار ليبيا وتكفلها بمعالجة الجرحى ونقل العالقين لبلادهم على نفقتها الخاصة، ومحاولتها إنهاء الأزمة اليمنية بشكل سلمي، والوقوف مع المضطهدين من الشعوب، وتقديم يد العون والمساعدة لمن هم في حاجة إليها، وكلها مواقف سامية تضاف دائما لرصيد قطر خصوصا لدى الشعوب.


الموقف القطري الأخير بسحب مرشحها لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية من أجل مرشح مصر وتقديرا للثورة المصرية يعد لبنة أخرى من لبنات الوحدة والإخاء اللتين تسطرهما قطر عمليا من أجل وحدة عربية طالما تمنيناها، وعندما قال معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية ان مندوب قطر هو مندوب لمصر ومندوب مصر هو مندوب لقطر فإنه يمثل واقعا تتبناه قطر وتجسده فعليا على أرض الواقع من أجل لم الشمل العربي.


هنيئا لقطر سياستها الرشيدة بقيادة صاحب السمو الأمير المفدى التي أكسبتها احترام العالم لأنها تبني دولة على أسس علمية في كل المجالات وتتبنى سياسة خارجية رائدة ستنعكس آثارها الإيجابية لامحالة على المواطن العربي أينما كان.


الجمعة، 20 مايو 2011

دوللي والبحث العلمي الإسلامي نشرت في 2003م

 
دوللي والبحث العلمي الإسلامي                نشرت بجريدة الراية القطرية في عام 2003م
  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
  Samy583@hotmail.com

ست سنوات فقط بين ولادتها ووفاتها، وبين الميلاد والوفاة لاقت كل عناية ورعاية من قبل الأطباء والعلماء، بل إنها وجدت عناية غير مسبوقة من قبل أجهزة الإعلام بوسائلها المتعددة المقروءة والمسموعة والمرئية.
إنها النعجة دوللي التي نقل خبر نفوقها قبل أيام مع ذروة المتابعة الإعلامية للحشد الأمريكي البريطاني المتطلع لغزو العراق والمظاهرات الشعبية العارمة التي عمت العالم شرقاً وغرباً رافضة ما يبيت للمنطقة من خطط تداعياتها قد تمتد لعشرات السنوات.. ولذلك طغت على خبر نفوق النعجة المستنسخة.
ويعود الاهتمام بالنعجة دوللي إلى عام 1996 عندما أعلن عن استنساخ أول حيوان ثديي في العالم في الخامس من يوليو وهو الأمر الذي أثار انقساماً بين رؤى الناس.. فمنهم من أيد ومنهم من عارض تخوفاً من أن يتطور الأمر إلى محاولة استنساخ الإنسان، وهو ما تم الإعلان عنه بعد ذلك وأثار رفضاً كبيراً لأنه يدخل في باب العبث بالكائن البشري الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ولقد كرمنا بني آدم.
وأصدر مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف فتوى تشدد على أن الاستنساخ يعرض الإنسان الذي كرمه الله لأن يكون مجالاً للعبث والتجربة وإيجاد أشكال مشوهة وممسوخة وأن الإسلام لا يعارض العلم النافع بل يشجعه ويحث عليه ويكرم أهله.
أما العلم الضار الذي لا نفع فيه أو الذي يغلب ضرره على نفعه فإن الإسلام يحرمه ليحمي البشر من أضراره.
وذكرت الفتوى أنه يجب التفريق بين الاستنساخ واستخدام الهندسة الوراثية في النبات والحيوان لإنتاج سلالات قيمة ونافعة وكذلك في علاج الأمراض. بل إن بابا الفاتيكان- أيضاً- استنكر استنساخ البشر، وهو الأمر الذي يؤكد أخلاقيات العمل العلمي التي يجب أن تكون لها محاذيرها والتي تبرأت منها كل الأديان، ولكن الجموح العلمي فاق كل التوقعات الأمر الذي يجب أن نتنبه له لأنه قد يكون المؤدي إلى نهاية العالم إذا لم يتوازن التطور العلمي مع الأخلاق.. يقول تعالى "حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازيّنت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس" يونس: 24.
والسؤال الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا هو أين دور العالم الإسلامي في هذا التقدم العلمي الهائل؟، تقدم علمي في استخدام الهندسة الوراثية أوصل إلى الاستنساخ.. تقدم مذهل في وسائل الاتصال.. تقدم في مجالات عديدة يخطو بها العالم خطوات في شتى المجالات وبالتالي المجال العسكري الذي يفرض الآخرون سطوتهم علينا به.
فأين دورنا نحن مما يحدث حولنا من طفرات علمية متقدمة؟.
وللإجابة على هذا التساؤل نورد هنا عدة نقاط مهمة يجب التنبه لها..
أولاً: يجب التنبيه إلى أنهم ينفقون أضعاف ما ننفق في مجالات البحوث العلمية التي تعدها الكثير من حكوماتنا الإسلامية مجال ترف لا يجب الوقوف أمامه كثيراً مع أنه الدافع الأول للتقدم، وللتدليل على ذلك من الإحصائيات العالمية نجد التالي:
- نسبة الإنفاق على أنشطة البحث العلمي في عالمنا العربي مثلاً سجلت انخفاضاً من نسبة 0.3% في المائة عام 78م إلى حوالي 0.15% في المائة في السنوات الماضية أي أنها انخفضت إلى النصف تقريباً، وهي نسبة متدنية جداً إذا ما قورنت بنسبة 2.5% في الدول المتقدمة أي أن ميزانية البحث العلمي لديهم تفوق 25 ضعف ميزانية العالم العربي، بل إن هذه الميزانية إذا قيست بميزانية البحث العلمي في إسرائيل وهي في صراع معنا يستدعي زيادة ميزانياتنا عنها تجدها تنفق 4% أي تزيد بحوالي 39 مرة عن ميزانياتنا، وها هي كوريا الجنوبية تنفق 5% أي تزيد 49 ضعفاً عنا، والفارق بيننا وبينهم في الإنفاق خير دليل.
وهذا الفارق يتسع على نحو هائل إذا نظرنا إلى القيمة الإجمالية المطلقة للميزانيات الحكومية فنجد أن 2.5% من ميزانية دولة متقدمة قد تتجاوز كامل ميزانية دولة نامية ومنها دولنا العربية، وبالمقارنة نرى أن ميزانية دولة قطر على سبيل المثال وهي دولة متقدمة بمواردها وإمكانياتها قياساً بدول عربية أخرى بلغت ميزانيتها 18 ملياراً و207 ملايين ريال عن السنة المالية 2002-2003 وهو مبلغ يقل بكثير عن 1% من ميزانية حكومة الولايات المتحدة، فالميزانية الحكومية الأمريكية تبلغ 2.23 تريليون دولار لسنة 2003 أي 2230 مليار دولار نجد أن 1% منها يبلغ أكثر من 22 ملياراً وبالتالي فإن انفاق 2.5% على البحث العلمي يعني 55 مليار دولار في السنة الواحدة وهو مبلغ كبير يتعدى إجمالي ميزانيات عدد من دولنا الإسلامية.
ثانياً: عدم العناية والرعاية بعلمائنا أدى إلى هجرة الكثير من هذه العقول والأسماء كثيرة فإن كان أولهم فاروق الباز مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن وقائد الفريق العلمي لبعثة أبوللو التي هبطت على سطح القمر فإن أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء ليس آخرهم بل إنه لا يخلو مصنع أو مؤسسة علمية من وجود عالم عربي أو مسلم بها بل في معظم الأحيان يكون هو الباحث الأول.
وهذا يؤكد لنا أن الكفاءات العلمية موجودة ولا تحتاج إلا إلى الاستقرار والعناية بها.
ثالثاً: مصادر تمويل البحث العلمي من الممكن عدم الاعتماد على الحكومات في كامل المبالغ المطلوبة له.. ولكن يجب أن يكون هناك وعي وطني لدى الشعوب الإسلامية بأهمية التبرع لهذا الجانب المهم، كما يجب أن تخصص الشركات والمصانع والمؤسسات جزءاً من أرباحها للبحث العلمي حتى لو كان تحت إشرافها، وفي ميادينها المتخصصة لأن العائد سيعود بالنفع على الجميع، وهو ما أكده الدكتور فاروق الباز بقوله: إن كل دولار ينفق على البحث العلمي في أمريكا يوفر 140 دولاراً- لأنه بالإنتاج الوطني يقل الاستيراد ولا يكون هناك مجال لفرض الشروط- ولهذا اقترح الدكتور الباز تحصيل دقيقة على فاتورة التليفون المحمول لتدخل لدعم البحث العلمي والتي وجد أنها لو تمت ستؤدي لتحصيل 20 مليون دولار سنوياً في مصر وحدها.
ويقتضي الأمر كذلك تطوير صيغ التنسيق العملي بين جامعاتنا العلمية بكوادرها وعلمائها وبين مؤسساتنا الإنتاجية لتحقيق بحوث علمية تطبيقية أصيلة ذات نفع متبادل.
رابعاً: التطور والتقدم العلمي واجب ديني أيضاً نثاب جميعاً بالعمل أو المساهمة فيه لأن ديننا يحض على العلم والعمل، والتخلف عن ركاب الحضارة لن يرحمنا في الدنيا بتكالب الأمم الأخرى علينا، ولا في الآخرة لأننا أهملنا جانباً مهماً في ديننا وحياتنا كما أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة.
فهل آن الأوان لننتبه لأهمية البحث العلمي؟


منظمتان.. كافيتان أم نحتاج ثالثة ؟ نشرت بتاريخ 06-03-2003م

منظمتان .. كافيتان أم نحتاج ثالثة ؟                نشرت بجريدة الراية القطرية بتاريخ6-3-2003م    
  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
  Samy583@hotmail.com


خلال أسبوعين تم عقد قمتين إحداهما لدول عدم الانحياز والأخرى للدول العربية.
جاءت القمتان في ظل تداعيات عالمية خطيرة وردة فعل، واستنكار دولي شديد لما أصبح واضحاً للعيان من بدء العد التنازلي للعدوان المنتظر على بلد عربي عضو في حركة عدم الانحياز وفي المنظومة الدولية.
والمتتبع للأحداث على مدى الأيام القليلة الماضية يلحظ عدة أمور منها:
أولاً: ردة فعل شعوب العالم كانت أشد وأعلى صوتاً منادية بالتراجع عن هذه الحرب القذرة في وقت شهد صمتاً عربياً وكأن هذه الأحداث سوف تحدث في كوكب آخر، وليست على أرضها تستهدف جزءاً منها كبداية للسيطرة على المنطقة وثرواتها بالكامل، الأمر الذي جعل المعلق والكاتب الشهير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فسك يصف العالم العربي بأنهم أصبحوا كمجموعة فئران، فقد خرجت مظاهرات جابت دول العالم منددة بالحرب بل إن أهم وأكبر المظاهرات الشعبية خرجت في الولايات المتحدة نفسها.
ثانياً: على استحياء وافقت بعض الحكومات العربية على مظاهرات مقيدة تندد بالحرب ضد العراق الشقيق، وكأن المشاعر تحتاج لإذن وهو ما يؤكد كبت الحريات التي يعاني منها المواطن العربي، ولذلك أقيمت إحدى هذه المظاهرات باستاد لكرة القدم الأمر الذي لم يحدث من قبل، ولكن مع هذا استطاعت الجماهير الغفيرة التي غص بها الاستاد أن تؤكد رفضها وتعبر عن مشاعرها الصادقة الرافضة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي على الأراضي العربية في أي بقعة كان.
ثالثاً: موقف كل من فرنسا وألمانيا الرافض للحرب وما تحملته فرنسا خصوصاً من حملة أمريكية شرسة لتغيير موقفها وصل لحد السباب يؤكد أن هناك دولاً ما زالت لديها أخلاقيات وتستطيع الوقوف في وجه الظلم والجبروت وهو ما شجع الجانب العربي ليقول (لا) بخجل.
رابعاً: موقف رئيس وزراء ماليزيا في مؤتمر قمة عدم الانحياز الأخيرة يعد موقفاً عظيماً في الدفاع عن العرب والمسلمين حيث قال: إن اعتراف كوريا الشمالية الصريح بأنها تمتلك أسلحة للدمار الشامل قوبل بتحذير ضعيف من الغرب وهو أمر يؤكد فيما يبدو أنها حرب ضد المسلمين وليست ضد الخوف من امتلاك ما يسمى الدول المارقة لأسلحة الدمار الشامل، وقال: إن الحرب ضد الإرهاب غدت حرباً للسيطرة على مقدرات العالم مشيراً إلى أنه لا يجب السماح لدولة واحدة بممارسة دور شرطي العالم.
هذا الموقف من رئيس وزراء ماليزيا، هذه الدولة التي تعد من النمور الآسيوية كنا نود سماعه من أحد قادة العالم العربي بمثل هذه القوة.
خامساً: ردة الفعل العالمية الغاضبة والرافضة للضربة الأمريكية جعلت الشعور العربي العام يمور ويغلي ويعلن أين نحن مما يحدث على الساحة؟، وقبل أن تتعدانا الأحداث الدولية عقدت القمة العربية التي أظن أن مجرد عقدها يعد إنجازاً لأننا من شدة اليأس من الأوضاع العربية ما كنا نصدق أن يلتئم شمل القادة على مائدة واحدة لدراسة قضية واحدة بعيداً عن الخلافات الشخصية والجانبية.
فما أشبه الليلة بالبارحة فقد كان الدافع لإنشاء دول عدم الانحياز في 1/9/1961م على يد ثلاثة من قادة العالم هم الزعماء الثلاثة جمال عبدالناصر- مصر، جوزيف بروز تيتو- يوغوسلافيا، جواهر لال نهرو- الهند هو المخاوف التي ساورت الدول النامية في قارتي آسيا وأفريقيا من احتمالات تعرض الأمن والسلم الدوليين للتهديد نتيجة للصراع بين الدول العظمى، وبالتحديد خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ولذلك كان الهدف هو مساعدة الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتصفية الاستعمار واحترام سيادة واستقلال الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
كما كان الدافع لإنشاء جامعة الدول العربية في 22/3/1945م هو توثيق الصلات بين الدول المشاركة فيها وتنسيق الخطط السياسية والنظر بصفة عامة في شؤون الدول العربية ومصالحها.
فما أحوجنا لتفعيل دور المنظمتين في هذا الوقت للعمل بمبادئهما والهدف من إنشائهما الذي امتد لأكثر من نصف قرن بلا فاعلية حقيقية اللهم إلا الاجتماعات واللقاءات الدورية التي لا نقلل من أهميتها ولكننا كنا ننتظر منهما الكثير والكثير.
فلسنا أقل من الاتحاد الأوروبي الذي أصبح قوة اقتصادية وعسكرية وبدأ يطل برأسه ليقول للقوة العظمى الأولى: لا.. فهل نستطيع أن نقول لا ونتمسك بها أم نحتاج لإنشاء منظمة جديدة والله وحده أعلم هل تكون مثيلة لسابقتيها العربية وعدم الانحياز أم تكون جديدة في كل شيء؟.
إذا كانت حركة دول عدم الانحياز والمنظومة العربية (جامعة الدول العربية) وجهين لعملة واحدة.. قرارات تتخذ بلا أي أداة تنفيذية فإننا ننتظر تفعيل مقرراتهما والهدف من إنشائهما وإلا فإننا بانتظار منظمة جديدة يكون الجانب العملي فيها والتنفيذي هو البند الأول والثاني والعاشر في أجندتها؟.

الثلاثاء، 17 مايو 2011

مأساة فلسطين.. هل تتكرر بالسودان؟نشرت في يناير2003م

 مأساة فلسطين.. هل تتكرر بالسودان؟
 نشرت بجريدة الراية في يناير عام 2003م




مقدمة لابد منها:0
هذه المقالة نشرت عام 2003م وهي تعد استقراء للواقع العربي الإسلامي الذي لم يتغير على مدى سنوات طوال فهاهي الأمور تذهب في السودان إلى ماكنا نخشاه ولو تحركت الدول العربية وخصوصا دول الجوار وبالطبع بقيادة مصر التي انكفأت على نفسها وانشغلت بقضايا التوريث لسنوات لو تحركت هذه الدول لما آلت الأمور إلى اختيار الجنوبيين للانفصال وإقامة دولتهم المستقلة خلال الأشهر القادمة.0
ما احتاج الجنوب إلا لتنمية ولو استغلت رقعته الزراعية الهائلة لغطى احتياجات العرب من المحاصيل الرئيسية ولكن ماذا نقول-لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي.  الآن أناشــد العـــالم العـــــــــربي والإسلامي ألا يهملوا الجنوب بعد إقامة دولته كما فعلوا من قبل بل واجب عليهم إقامة علاقات متميزة معه بحكم حسن الجوار فإذا لم يقف معنا في قضايانا فلن يكون في صف أعدائنا، فهل نتعلم الدرس أم مازلنا على ما نحن عليه؟، نأمل أن تكــــــون الثورات العربية بداية خير للأمة بأجمعها وخصوصا الثــورة المصرية المباركة التي بنجاحها ورسوخها سينجح العـــــرب أجمعون وتعود للأمة قوتها وعنفوانها.0  


مأساة فلسطين.. هل تتكرر بالسودان؟

بقلم: سامي زكريا 

كاتب مصري من أسرة تحريرالراية

إذا كانت مأساة فلسطين حيكت خيوطها قبل عشرات السنين من بدايتها بوعد بلفور المشؤوم الهادف لإقامة دولة لليهود في فلسطين، ومع رفض هذا الوعد من قبل العرب والمسلمين إلا أنه نفذ وطبق على أرض الواقع رغم أنف جميع المعارضين، مع العلم أن عشرات السنوات مرت بين الوعد وإقامة هذه الدولة العنصرية الصهيونية في قلب العالم الإسلامي لتكون حاجزاً بين مسلمي افريقيا وآسيا وتظل مرضا مزمناً في جسد الأمة، ومع الدروس المستقاة مما حدث بفلسطين فإن المتفحص لما يحدث الآن يقرأ نفس التمهيد لبداية مأساة جديدة ستكون أشد قتامة وعنفا وإضراراً بالعالمين العربي والإسلامي، إنها مأساة جنوب السودان السائر بقوة نحو الانفصال ولو أجل لسنوات قليلة قادمة.0
السودان بشماله وجنوبه والبالغ مساحته حوالي 2،5 مليون كم2 وبعدد سكانه البالغ 36 مليونا تقريبا يمثل الأصالة والحضارة، ويمثل القوة الفاعلة في النظام الإسلامي، إذا قدر لبنيانه أن يظل موحداً متماسكا، ولكن هيهات أن يحدث ذلك وقد وضعته إسرائيل ومن يسير في فلكها تحت المنظار لما يمثله الجنوب من أهمية استراتيجية إذا انفصل سبب ألما مستمرا لكل من مصر وشمال السودان وبالتالي يمثل عازلا بين المسلمين وإخوانهم في الدول المجاورة أوغندا وارتريا وكينيا واثيوبيا والكونغو الديمقراطية، كما يمثل انتزاعا لأخصب أرض وأجمل بقعة في العالم الإسلامي بعد كشمير، وبالنظر إلى الجنوب نشاهد التالي:0
أولاً: يمثل سلة الغذاء للعالم كله إذا استغل استغلالا جيدا وليس للعالم الإسلامي فحسب، وقد قدر لي ان أزور الجنوب في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم وشاهدت بعيني الغابات الطبيعية على امتداد الجنوب بدءا بجوبا العاصمة الاقتصادية والمدينة الرئيسية في الجنوب، وانتهاء بنيمولي على الحدود مع أوغندا، وتنتج هذه الغابات الكثير من الفواكه التي لا تحتاج إلا لجمعها وتصديرها، ولكن نظرا للاهمال وعدم إعطاء الأمر أهمية فإن هذه الثمار تحرق وبذلك تهدر ثروة كبيرة.
ثانياً: يمثل الجنوب المورد الرئيسي لمياه النيل لمصر، ولذلك فإن انفصاله يمثل تهديدا خطيرا لمصر وبالتالي للدول العربية، وقد بدأت إسرائيل العبث في هذا المورد المهم للتأثير على مصر عندما دعمت اثيوبيا لبناء سدود على النيل الازرق الذي يمد مصر بـ 86% من احتياجاتها المائية، وقد تم الاتفاق على بناء هذه السدود في 14 نوفمبرعام 2000 مما يؤكد ضلوع إسرائيل في محاولاتها النيل من مصر في مياهها وهو ما تأكد بالمساعدات والخبراء الذين تقدمهم للجنوبيين في حربهم وإصرارهم على منحهم حق تقرير المصير بل إن تدخل الإدارة الأمريكية يصب في نفس الاتجاه الداعم للانفصال لتكون لإسرائيل اليد الطولى في هذه البقعة المهمة التي اكتشف فيها النفط، وما يحدث الآن ليس وليد يومه أو بسبب أحداث 11 سبتمبر بل بدأ منذ سنوات وتجلى في تصريح وزير الخارجية الأسبق وارن كريستوفر ردا على الانتقادات الفرنسية لجولة الوزير الأمريكي الافريقية عندما قال بوضوح شديد: إن الولايات المتحدة لا تخشى التطاول على مناطق النفوذ الفرنسي وهو ما يؤكد أن القارة السمراء عادت إليها تقسيمات النفوذ الاستعمارية بوسائل وأدوات واستراتيجيات جديدة، ولهذا فإن الضغط على الحكومة السودانية لا يوازيه ضغط على المتمردين لأن الهدف واضح رغم رفض مصر والدول العربية، ووصل هذا الضغط ذروته بتصريح مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن اسمه ان الولايات المتحدة قد تجد تحديا في حذف السودان من القائمة الأمريكية للدول التي ترعى الإرهاب رغم التقدم الذي أحرزته الخرطوم بشأن مكافحة الإرهاب بل وصل الضغط لأقصى مداه بإصدار قانون أطلق عليه قانون السلام والذي أقره الكونجرس ويهدد بفرض عقوبات على السودان إذا فشلت الحكومة في تحقيق تقدم، كما يخول الإدارة الأمريكية في إنفاق 100 مليون دولار سنويا على المناطق الواقعة خارج نطاق سيطرة الحكومة، أي للمتمردين، كما تم تجميد أصول اثنتي عشرة شركة سودانية، وهذا الضغط ترافق مع ضغط عسكري بمنع توريد السلاح أو تقديم أي مساعدات اقتصادية للحكومة ووضع قيود على السلع ذات الاستخدام المزدوج للأغراض المدنية والعسكرية، مع تقديم كافة المساعدات للمتمردين وهو الأمر الذي حدا بوزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل للتنديد بموقف الادارة الأمريكية المنحاز بوضوح للمتمردين حيث قال: القانون يعد إعلان حرب على عملية السلام بالسودان . بل ان الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقط بل تعداه لتشجيع وسط السودان بمناطقه الثلاث جبال النوبة، وولاية النيل الأزرق، ومنطقة أبيى ليشملها التصويت على الانفصال مع الجنوب.0
ومع هذه الأحداث المتسارعة فإنه يشتم منها رائحة نتنة هدفها التقسيم والتفتيت وهو ما يجب ان نتنبه له، فالجنوب لم يكن يوما مسيحيا بل انهم أهل فطرة لا يعلمون شيئا ومن يصلهم أولا يصدقونه ويكون الاتباع له أولى، لذلك فإن هناك صراعاً في الجنوب ذا طابع ليس بجديد، بين المبشرين الذين يتحملون الصعاب بدعم من مؤسسات عالمية كبرى وحكومات بل إن الممثل الشخصي للرئيس الأمريكي بالسودان هو قسيس، وفي الطرف الآخر يقف الإسلام الذي ينتشر ذاتيا بالحجة والبرهان والحكمة والموعظة الحسنة ممن اعتنقوا هذا الدّين العظيم بدون دعم من أحد أمتثالا لقول الله تعالى: أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن النحل .0125
لذلك فإن الصرخة التي أطلقها وأتمنى أن تجد آذانا تسمعها هي نداء بتكاتف جهود جميع الدول الإسلامية لمنع انفصال الجنوب والعمل بقوة على تنميته بأقصى سرعة ببناء المدارس والمستشفيات وتعبيد شبكة طرق تقرب أهل الجنوب من إخوانهم بالشمال وهو واجب ديني ووطني على كل مسلمي العالم امتثالاً لقول الله عز وجل: إنما المؤمنون اخوة وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى” وأملنا في الله كبير أن يرد كيد الكائدين ومكر الماكرين يقول تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.0
فهل نمد أيدينا لإخواننا في السودان أم نترك جنوبه ووسطه يضيعان من بين أيدينا كما حدث لفلسطين من قبل؟.0



الفساد المنظم … له نهاية نشرت بتاريخ 08-03-2011م

الفساد المنظم … له نهاية

نشرت بجريده الرايه بتاريخ8-3-2011

بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري
samy583@hotmail.com

نجاح الثورة العظيمة التي قادها شباب مصر أماط اللثام عن كثير من قضايا الفساد التي أنهكت الاقتصاد المصري، وبالتالي تركت أثرها السيئ على المواطن.
قضايا الفساد هذه التي فاجأت الجميع في مصر بأحجامها وأرقامها إذا تتبعناها في كثير من الدول العربية سنجد أنها متشابهة في فساد الزمرة الحاكمة فسادا ليس له نهاية، وهو ماوضح جليا في تونس بعد سقوط بن علي، ومابدأ يتسرب من أخبار الفساد في ليبيا وصل حد إنفاق مليون دولار على مغنية في حفل أقيم لأسرة القذافي استغرق ساعة إلا ربعاً فقط، في وقت يئن فيه المواطن الليبي من شظف العيش مع وجود الثروة البترولية الهائلة.
خلال الأيام القليلة الماضية بدأت تطفو على السطح الجرائم التي ارتكبت بحق الاقتصاد والشعب المصري الذي كان يتندر قبل ذلك ويتعجب كيف لبلد فيه قناة السويس التي تدر يوميا مايقرب من خمسة عشر مليون دولار، كيف لهذا البلد أن يكون مع الدول النامية !!، فماذا نقول إذا كان الدخل اليومي متعدد الاتجاهات سواء من السياحة أو التصدير أوالصناعة والزراعة وغيرها! .
الآن تأكد الشعب أن الحكومة هي المسؤولة عن هذا الفساد بعد أن بدأت المنظمات الدولية في الإعلان عن الثروات التي حققها العديد من المسؤولين خلال السنوات الماضية، فقد ذكرت منظمة النزاهة المالية الدولية -وهي منظمة معنية بالأبحاث والاستشارات مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن- أن 57 مليار دولار تدفقت خارج مصر في الفترة ما بين عامي 2000 و2008، وبعض هذه الأموال يعود إلى قادة فاسدين، وهو مايؤكد التشككات التي تناقلها الشعب المصري على مدى السنوات الماضية من فساد وتهريب أموال للخارج ما أدى لاحتلال مصر المركز ٩٨ فى معدلات الفساد على لائحة التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام ٢٠١٠، وتساوت في الترتيب مع بوركينا فاسو والمكسيك، وهي مرتبة متدنية جدا تؤكد تغلغل الفساد في قطاعات كثيرة.
ولنُدلل على حجم الفساد نذكر بعض الأرقام المذهلة ونبدأ بالقيادة حيث بثت وسائل الاعلام أن ثروة الرئيس السابق مابين أربعين مليارا وسبعين مليارا وهو مبلغ مذهل ويؤكد ماكان يتناقله الشعب المصري في التسعينيات أنه من أراد إنشاء شركة أو إقامة مشروع بسيط فلا بد من مشاركة أحد أبناء الرئيس السابق عنوة في هذه الشركة مهما كان حجمها صغيراً أو كبيراً ودون أن يدفع لقاء هذه الشراكة جنيها واحدا، وإلا فالويل والثبور له مع ضياع أمواله التي أسس بها مشروعه، أو يؤخذ منه بأي وسيلة كانت لصالح آخرين بالبلطجة أو بإرهاب الشرطة، أي أن المستثمر أو صاحب المشروع ليس أمامه سوى طريق واحدة لابد أن يسير فيها هي الشراكة.
هناك أيضا اتفاقية بيع الغاز المصري لإسرائيل التي تعد من الاتفاقيات الصارخة الفساد والإجحاف بحق الشعب والاقتصاد المصريين والتي يتضح منها بشكل جلي أن هناك مَن يعبث بثروة مصر القومية التي هي ملك للشعب، ففي هذه الاتفاقية تبيع الحكومة المصرية الغاز بسعر يتراوح بين دولار.. ودولار ونصف الدولار مع أن تكلفة استخراجه تتعدى الدولارين والنصف دولار، أي أنه يباع بخسارة دولار لكل طن غاز يتحمله الشعب المصري، في الوقت الذي يباع فيه طن الغاز بالأسواق العالمية فيما بين اثني عشر دولاراً وأربعة عشر دولاراً وهو تبديد واضح للثروة المصرية لمصالح أشخاص.
وقد وصل الفجور قمته في حماية الحكومة لاتفاق يضر بمصالح شعبها فقد أعلن المهندس إبراهيم زهران خبير البترول أن اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل تهدد الاحتياطي المصري من الغاز، حيث ان التعاقد مع إسرائيل تم على تصدير 18 تريليون قدم مكعبة، بينما تمتلك مصر 28 تريليونا فقط، وليس كما تدعي الحكومة أن الاحتياطي 75 تريليونا، ولذلك أعلن الدكتور يحيى الجمل أستاذ القانون الدستوري أن الحكومة المصرية تخالف بنود الدستور بتصرفها في ثروة البلاد بعيدا عن الرقابة، معتبراً أن تصريحات مسؤولين حكوميين حول "سرية" الاتفاقية الموقعة بين القاهرة وتل أبيب بشأن الغاز مخالفة دستورية كبيرة "لأن ثروة البلاد لا تعرف السرية" وقال إن "الحكومة تدير ثروة البلاد ولكن لا تملكها".
ومع أن الشرفاء في مصر رفعوا قضايا قضت في أحكامها بوقف تصدير الغاز، فقد ضربت الحكومة بأحكام القضاء عرض الحائط !، فلمصلحة من التمادي في ذلك إلا إذا كان هناك مستفيدون وهو ماتأكد أن وراء هذه الصفقة الصديق الشخصي لكبير الدولة في العهد السابق "حسين سالم"، وهو الذي قام أيضا بالاستيلاء على جزيرة يطلق عليها جزيرة التمساح في النيل تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثين ألف متر مربع ليقيم عليها فندقاً بعد أن طرد ملاكها منها وإرغامهم على توقيع عقود "هَزَلية" لاتساوي شيئا من قيمة الأرض الحقيقية، ولكن بالتخويف والبلطجة واستغلال سلطات الدولة أجبرهم على التوقيع.
وهناك أيضا أحد الفاسدين والذي أزكمت الأنوف رائحته على مدى سنوات في احتكار الحديد والعبث بمواد البناء وتكوين ثروة طائلة، مع مفاجأة أذهلت الكثيرين خلال الأيام الماضية بتسرب خبر عمله طبالا بفرقة فنية بالملاهي في بداية حياته العملية، فكيف بطبال أن يصل إلى هذا الفجور وتكوين هذه الثروة الطائلة إلا بمساعدة المسؤولين، أم سيتضح بعد ذلك وستكشف التحقيقات والأيام أنه كان الواجهة الأمامية للمفسدين الحقيقيين؟.
هناك أيضا العديد من الوزراء والمسؤولين الذين يتكشف فسادهم الواحد تلو الآخر، فأحدهم يمتلك ثمانية وعشرين قصرا في أرقى الأماكن السياحية مع أنه كوزير لايستطيع براتبه أن يحصل على قصر واحد.. فمن أين له بهذا ؟.
حجم المأساة المترتبة على إساءة استغلال السلطة أو الوظيفة العامة لاينتهي، فقد تحولت الدولة بأجهزتها المختلفة من خدمة الشعب لخدمة زمرة فاسدة، وأصبحت الوظيفة العامة تشريفاً وليست تكليفاً، والطبيعي أن من يُولى أمراً من أمور الدولة أيا كان هذا الأمر سواء في الوظائف القيادية أو الوظائف المعاونة مؤتمن لخدمة الشعب والجمهور وليس العكس، ويعلم أنه مهما طالت فترة بقائه في منصبه أو وظيفته سوف يتركها لغيره، ولذلك يجب أن يسلمها في أتم صورة، أما ماحدث أن من تولى شأناً عاماً اعتقد أن الأمر تشريف له، وهذا الجمهور في خدمته، فانقلبت القاعدة رأساً على عقب، فأصبح الشعب في خدمة الشرطة وليست الشرطة فقط بل أصبح الشعب بأكمله في خدمة النظام، يذهب نتاج عمله وغرسه في كل الميادين للمسؤولين الذين من المفترض أنهم ولوا لحماية هذا الشعب، فإذا بهم ينغلقون لحماية أنفسهم لتتضخم ثرواتهم لأرقام خيالية، كان من الواجب أن تكون لنهضة هذا المجتمع في مستشفيات تقام وطرق تمهد ومدارس للعلم وجامعات للمستقبل ومصانع ومزارع وغيرها.
مايجب ملاحظته من قبل كل الحكومات القادمة في ظل التغيرات السياسية المتلاحقة في مصر وغيرها من الدول العربية أنه إذا أراد الشعب القضاء على الفساد بكل صوره، فالواجب على الحكومات أن تعاونه في ذلك فالشعب يستطيع مقاومة الرشوة ورفض الابتزاز، ولكن السلطة يجب أن تكون مراقبة لسلوك القائمين عليها فلا استغلال للمال العام ولالتوزيع الأراضي أو أملاك الدولة دون وجه حق – والتي وصلت في العهد السابق لتطال أراضي الوقف-، ولا للمناصب والوظائف للمقربين، وهذا لن يتأتى إلا بوجود جهاز قضائي له استقلاليته الكاملة ويمتلك جميع السلطات لمحاسبة المفسدين وتتبع سلوكهم ومحاكمتهم وإبراز وتفعيل قانون"من أين لك هذا" فكم من قضايا رفعت، ومستندات ووثائق تؤكد الفساد قُدمت، ولكن الحكومة كانت دائما سيدة قرارها، ولايستطيع أحد محاسبتها. الفساد لابد له من وقت لإيقافه والأمل قائم أنه لن يكون كما كان قبل ثورة 25 يناير في مصر أو غيرها ولذلك فإن التطهير مسؤولية المجتمع بأكمله، وعلى الحكومات القادمة أن تضرب بيد من حديد بؤر الفساد في أي مكان وعلى أي مستوى، وليكن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما أهلك من كان قبلكم انه كان إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق فيهم الشريف تركوه وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" وهو نبراس يجب أن يوضع في كل المؤسسات والمصالح العامة في شتى الأقطار العربية، ليوقظ الضمائر بأن معاقبة المسيئين هو الضمانة الوحيدة التي تمنح الأمان للجميع، وبأن كل صاحب حق سيحصل عليه، وكل مسيء سيعاقب مهما كانت مكانته أو منصبه، ولذلك فإن المؤشر على الحقبة القادمة سيكون دلالته ما ستقوم به الحكومات من إحقاق للحق ومعاقبة المخطئين، لأن الفساد المنظم الذي استشرى في كثير من جنبات الأمة العربية يجب أن تكون له نهاية.

أمة اقرأ وعرس الدوحة الثقافي نشرت بتاريخ 04-01-2004م

أمة اقرأ وعرس الدوحة الثقافي
نشرت بجريدة الراية القطرية  عام 2004م (04-01-2004م)
بمناسبة إقامة معرض الدوحة للكتاب

بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري
  Samy583@hotmail.com

عند بداية بطولة من بطولات الكرة نسمع كثيرا مقولة انطلق العرس الكروي لكأس العالم أو لبطولة الأمم أو.. إلخ. وخلال هذه الأيام تشهد الدوحة حدثا فريدا لا يقل في أهميته عن الأحداث الرياضية أو السياسية أو الاقتصادية.. لأن السياسة لا تتلألأ إلا به، والاقتصاد لا يزدهر إلا بالعقول التي خططت له، والرياضة لا تنطلق إلا بوضع برامج علمية مدروسة للنهوض بها وتحقيق نتائج إيجابية، وعلى ذلك فإنني أعتبر معرض الكتاب المقام حاليا في الدوحة من الأحداث المهمة حقا، بل الحدث الأهم على ما عداه، ولم لا.. فأهل الاقتصاد يجدون في أروقته مبتغاهم، وأهل الرياضة يتلمسون ما يعينهم، وأهل السياسة يجدون آخر ما صدر لكبار الكتاب.. وجميعهم يجد ما يعنيه من كتب دينية تغذي روحه وفؤاده.. ولذلك لا نكون مبالغين إذا قلنا ان معرض الدوحة للكتاب هو العرس الحقيقي الذي يجب أن نحتفي به أفضل احتفاء خصوصا وأننا نشهده أياما معدودة، فتكون بين أيدينا أمهات الكتب وحتى أبناؤها فنتخير مبتغانا، كل فيما يرغب.
السؤال الذي يجب أن يطرح هو أهمية الكتاب وما يحتويه من علوم مختلفة في تطور الأمم، وما تأثير الكتاب علينا نحن أمة اقرأ، الأمة التي يجب أن تكون في مقدمة الأمم فإذا بها في آخر قائمة الأمم على وجه الأرض.
في العالم المتقدم، وفي أوروبا خصوصا لم يتقدموا من فراغ بل إنهم يقرأون جيدا، فلا يضيعون وقتا، يقرأون في أوقات فراغهم.. في الباص يقرأون، وفي الطائرات يقرأون، وفي ساحات الانتظار يقرأون، أما المنتمون لأمة اقرأ ففي كل مكان يثرثرون، وفي إضاعة الوقت يتسابقون فلا ترى سوى أشباه إنسان يمشي على الأرض.
موشي ديان رئيس وزراء الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين الأسبق، وفي قولة تدل على دراستهم للوضع العربي العام منذ عشرات السنين قال عنا: إنهم أناس لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون.
وللأسف فإن ما قاله هو الحقيقة لإنسان أمة اقرأ والذي لا يقرأ إلا ما ندر.
أمتنا الإسلامية وبالتالي العربية يجب أن تكون هي أمة العلوم جميعها، فدينها يدعوها للقراءة، وقد كانت أول كلمة تتنزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هي "اقرأ" بل إن الله سبحانه وتعالى أقسم بالقلم لأهميته فقال: "ن والقلم وما يسطرون" ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصا على تعليم أمته، فأسير بدر كان يفك أسره إذا علم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان حريصا على مواصلة تعليم حفصة بنت عمر حتى بعد زواجها منه صلى الله عليه وسلم، والتي كانت تتعلم على يد الشفاء العدوية، ولذلك كان لها الفضل في حفظ القرآن مرتبا.
إذا كانت هذه أهمية القراءة والتعلم في الإسلام فإن ذلك يؤكد ما نذهب إليه من فضل وأهمية معارض الكتاب التي يجب أن تكون دافعا لتقدم هذه الأمة، وخصوصا في ظل التطور العلمي الهائل. فلم يعد الكتاب ورقا فقط بل أصبح "سي دي"  و"دي في دي"  وأصبح الكمبيوتر فارسا في عصر المعلومات والانترنت، في الوقت الذي ما زالت فيه نسبة الأمية في العالم العربي ليس لها مثيل.
ألا تتفقون معي أننا في عرس ثقافي فكري وعلمي نشهده على هذه الأرض المباركة؟