الجمعة، 20 مايو 2011

منظمتان.. كافيتان أم نحتاج ثالثة ؟ نشرت بتاريخ 06-03-2003م

منظمتان .. كافيتان أم نحتاج ثالثة ؟                نشرت بجريدة الراية القطرية بتاريخ6-3-2003م    
  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
  Samy583@hotmail.com


خلال أسبوعين تم عقد قمتين إحداهما لدول عدم الانحياز والأخرى للدول العربية.
جاءت القمتان في ظل تداعيات عالمية خطيرة وردة فعل، واستنكار دولي شديد لما أصبح واضحاً للعيان من بدء العد التنازلي للعدوان المنتظر على بلد عربي عضو في حركة عدم الانحياز وفي المنظومة الدولية.
والمتتبع للأحداث على مدى الأيام القليلة الماضية يلحظ عدة أمور منها:
أولاً: ردة فعل شعوب العالم كانت أشد وأعلى صوتاً منادية بالتراجع عن هذه الحرب القذرة في وقت شهد صمتاً عربياً وكأن هذه الأحداث سوف تحدث في كوكب آخر، وليست على أرضها تستهدف جزءاً منها كبداية للسيطرة على المنطقة وثرواتها بالكامل، الأمر الذي جعل المعلق والكاتب الشهير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فسك يصف العالم العربي بأنهم أصبحوا كمجموعة فئران، فقد خرجت مظاهرات جابت دول العالم منددة بالحرب بل إن أهم وأكبر المظاهرات الشعبية خرجت في الولايات المتحدة نفسها.
ثانياً: على استحياء وافقت بعض الحكومات العربية على مظاهرات مقيدة تندد بالحرب ضد العراق الشقيق، وكأن المشاعر تحتاج لإذن وهو ما يؤكد كبت الحريات التي يعاني منها المواطن العربي، ولذلك أقيمت إحدى هذه المظاهرات باستاد لكرة القدم الأمر الذي لم يحدث من قبل، ولكن مع هذا استطاعت الجماهير الغفيرة التي غص بها الاستاد أن تؤكد رفضها وتعبر عن مشاعرها الصادقة الرافضة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي على الأراضي العربية في أي بقعة كان.
ثالثاً: موقف كل من فرنسا وألمانيا الرافض للحرب وما تحملته فرنسا خصوصاً من حملة أمريكية شرسة لتغيير موقفها وصل لحد السباب يؤكد أن هناك دولاً ما زالت لديها أخلاقيات وتستطيع الوقوف في وجه الظلم والجبروت وهو ما شجع الجانب العربي ليقول (لا) بخجل.
رابعاً: موقف رئيس وزراء ماليزيا في مؤتمر قمة عدم الانحياز الأخيرة يعد موقفاً عظيماً في الدفاع عن العرب والمسلمين حيث قال: إن اعتراف كوريا الشمالية الصريح بأنها تمتلك أسلحة للدمار الشامل قوبل بتحذير ضعيف من الغرب وهو أمر يؤكد فيما يبدو أنها حرب ضد المسلمين وليست ضد الخوف من امتلاك ما يسمى الدول المارقة لأسلحة الدمار الشامل، وقال: إن الحرب ضد الإرهاب غدت حرباً للسيطرة على مقدرات العالم مشيراً إلى أنه لا يجب السماح لدولة واحدة بممارسة دور شرطي العالم.
هذا الموقف من رئيس وزراء ماليزيا، هذه الدولة التي تعد من النمور الآسيوية كنا نود سماعه من أحد قادة العالم العربي بمثل هذه القوة.
خامساً: ردة الفعل العالمية الغاضبة والرافضة للضربة الأمريكية جعلت الشعور العربي العام يمور ويغلي ويعلن أين نحن مما يحدث على الساحة؟، وقبل أن تتعدانا الأحداث الدولية عقدت القمة العربية التي أظن أن مجرد عقدها يعد إنجازاً لأننا من شدة اليأس من الأوضاع العربية ما كنا نصدق أن يلتئم شمل القادة على مائدة واحدة لدراسة قضية واحدة بعيداً عن الخلافات الشخصية والجانبية.
فما أشبه الليلة بالبارحة فقد كان الدافع لإنشاء دول عدم الانحياز في 1/9/1961م على يد ثلاثة من قادة العالم هم الزعماء الثلاثة جمال عبدالناصر- مصر، جوزيف بروز تيتو- يوغوسلافيا، جواهر لال نهرو- الهند هو المخاوف التي ساورت الدول النامية في قارتي آسيا وأفريقيا من احتمالات تعرض الأمن والسلم الدوليين للتهديد نتيجة للصراع بين الدول العظمى، وبالتحديد خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ولذلك كان الهدف هو مساعدة الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتصفية الاستعمار واحترام سيادة واستقلال الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
كما كان الدافع لإنشاء جامعة الدول العربية في 22/3/1945م هو توثيق الصلات بين الدول المشاركة فيها وتنسيق الخطط السياسية والنظر بصفة عامة في شؤون الدول العربية ومصالحها.
فما أحوجنا لتفعيل دور المنظمتين في هذا الوقت للعمل بمبادئهما والهدف من إنشائهما الذي امتد لأكثر من نصف قرن بلا فاعلية حقيقية اللهم إلا الاجتماعات واللقاءات الدورية التي لا نقلل من أهميتها ولكننا كنا ننتظر منهما الكثير والكثير.
فلسنا أقل من الاتحاد الأوروبي الذي أصبح قوة اقتصادية وعسكرية وبدأ يطل برأسه ليقول للقوة العظمى الأولى: لا.. فهل نستطيع أن نقول لا ونتمسك بها أم نحتاج لإنشاء منظمة جديدة والله وحده أعلم هل تكون مثيلة لسابقتيها العربية وعدم الانحياز أم تكون جديدة في كل شيء؟.
إذا كانت حركة دول عدم الانحياز والمنظومة العربية (جامعة الدول العربية) وجهين لعملة واحدة.. قرارات تتخذ بلا أي أداة تنفيذية فإننا ننتظر تفعيل مقرراتهما والهدف من إنشائهما وإلا فإننا بانتظار منظمة جديدة يكون الجانب العملي فيها والتنفيذي هو البند الأول والثاني والعاشر في أجندتها؟.

ليست هناك تعليقات: