الأحد، 2 أكتوبر 2011

قتلى يوميا في سوريا والمواقف الدولية لم تتغير 2-10-2011م



قتلى يوميا في سوريا والمواقف الدولية لم تتغير

بقلم: سامي زكريا
كاتب وباحث مصري

بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على بداية الثورة الشعبية السورية يتعجب المرء كثيرا من المواقف الدولية التي تتحرك منب أجل هرة في أقاصي العالم ولا تتحرك لمقتل العديد من أبناء الشعب السوري يوميا؟


روسيا على رأس الدول المتزعمة الدفاع عن السلطة السورية وترفض أي إدانة لها في أي منظومة دولية حتى أنها هددت ولوحت باستخدام الفيتو الممنوح لها عصاة ضد أي قرار يشدد الخناق على السلطة السورية أو يدينها في شيء.

القيادة السورية تمارس لعبة القط والفأر مع المجتمع الدولي بخبث وذكاء شديدين تقتل المدنيين وتتهم الخارجين على القانون، وتصفي المعارضين من كبار العلماء والأساتذة وتعلن الإمساك بمرتكب الجريمة، وتقتل الجنود المنشقين عن المؤسسة العسكرية الرافضين للسلوك الدموي للجيش ثم تدعي أنهم قتلوا على يد العصابات التي تريد تدمير البلاد، بل وتقيم جنازات عسكرية لهم خداعا وتضليلا للرأي العام لتأتي الحقائق من ذويهم تثبت أنهم صفوا من الأمن لرفضهم تنفيذ الأوامر العسكرية بقتل المدنيين، ليصل الأمر ذروته باستخدام الأسلحة الثقيلة والطيران في تدمير قرى لاتملك من أمرها شيئا سوى حناجرها المطالبة بالحرية والديمقراطية والحقوق المكفولة للإنسان على وجه البسيطة.

الموقف الدولي عموما يبدو فاترا فالجامعة العربية اجتمعت وأرسلت أمينها العام الذي قوبل بالتأجيل تارة والرفض أخرى ثم الموافقة على مقابلته وخداعه بالموافقة على العمل من أجل المواطن السوري ليعود محملا بالوعود التي لايتم تطبيقها أبدا بنفس السيناريو الذي تم مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومع القيادة التركية أيضا التي أعطت آجالا محددة للسلطات السورية فلم تر شيئا يطبق على أرض الواقع في مصلحة المواطن السوري لتعلن القيادة التركية بلا مواربة بعد ذلك أن النظام السوري يمارس لعبة الخداع وتبدي استعدادها لتطبيق عقوبات على السلطات السورية بل ومارست ذلك فعليا بتفتيش سفن متجهة للموانئ السورية.

خلال اجتماعات المسؤولين السوريين مع المنظمات والحكومات الخارجية نلاحظ أن الخطاب الإعلامي للمسؤولين السوريين يتحدث عن تدخلات خارجية وبكل هدوء يبررون مايحدث وكأن القتلى السوريين من عالم آخر، أو كأن الأمر برمته لايمت لهم بصلة وهؤلاء يذكروننا بالمسؤولين في حكومة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذين كانوا يخرجون بكل برود أيضا للحديث عن بضع مئات أو آلاف ضد الحكومة ويؤكدون أن الملايين مع سيادة الرئيس في الوقت الذي كان الشعب يغلي مطالبا برحيل النظام بأكمله، هؤلاء فئة الجوقة والمستفيدين في النظام السوري هم الزمرة نفسها من المتحدثين الذين يقلبون الباطل حقا والحق باطلا مثلهم كمثل الذين كانوا مع بن علي ومبارك والقذافي تماما.

بن علي ومبارك كانت المواقف الدولية تجاههما سريعة بسرعة الثورتين التونسية والمصرية فلم يكن هناك بد من اتخاذ مواقف تنسجم مع مصلحة هذه الدول الأوروبية منها والخارجية عموما التي وجدت نفسها مجبرة على اتخاذ مواقف مؤيدة للثورتين بعد أن وجدت النتيجة تغييرا لابد منه فرضه الشعبان .

أما الثورة الليبية فكان سلوك رئيسها المخلوع معمر القذافي وتناقضه عالميا سببا في اتخاذ المواقف الواضحة تجاهه وتحرك المؤسسات الدولية والحربية ولو أن بعضها كان لضمان حصة بترولية له بعد الاستقرار وهو ما اتضح من الموقف الفرنسي ومن تصريحات مسؤوليها ولكن ظلت القيادة الروسية متأرجحة غير معترفة بالثوار في ليبيا والمجلس الانتقالي حتى تيقنت من نهاية العقيد وبداية عهد جديد فاضطرت للاعتراف بالوضع الجديد.

المواقف الدولية تحسب لكل دولة ميزانا بحجم المكسب والخسارة

وما ستجنيه من هذا الاعتراف أو رفضه ولو لم تعلن عنه، وإلا كان الاجدى لدول العالم إدانة ما يحدث للشعب السوري بعد أن تعدى عدد القتلى من المدنيين السوريين على يد قيادته ثلاثة آلاف قتيل وهذا الرقم يزيد كل يوم، ولو كانت هناك حرب مع عدو لما وصل عدد القتلى لهذا الرقم الكبير، فالمواقف الدولية تكاد تكون مستحية بل إن روسيا تهدد باستخدام الفيتو ضد أي قرار يدين دمشق والسؤال المطروح إلى أين تسير سوريا هل تسير إلى إسكات الشعب بالطيران والدبابات كما حدث في حماة عام 1982 أم أن الشعب السوري له رأي آخر وسيواصل مسيرة الحرية والديمقراطية حتى يصل إليهما بأيديه هو دون مساعدة من أحد سنجد الجواب بالتأكيد خلال الأسابيع القادمة لأن الشعب خرج من قمقمه ولا أعتقد أنه سيعود إليه مرة أخرى، ليأتي تأسيس مجلس وطني سوري في تركيا بداية لتحرك سياسي جديد فهل يعترف العالم بهذا المجلس أم أن السياسات والحسابات الدولية لها رأي آخر؟.

  

الأحد، 25 سبتمبر 2011

الدولة الفلسطينية والمواقف الدولية نشرت بتاريخ 25-09-2011م

الدولة الفلسطينية والمواقف الدولية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث    
  Samy583@hotmail.com

الدولة الفلسطينية هي حق مشروع للشعب الفلسطيني -شاء من شاء وأبى من أبى- على قول "أبو عمار" رحمه الله.
دولة فلسطين ليست دولة تنشأ من جديد، بل هي دولة اغتصبت بمؤامرة دولية لتمنح لطائفة إرضاء لها من جهة، ولإبعادها عن الدول الأوروبية من جهة أخرى، وبكل صفاقة تكاتفت دول وجماعات على سرقة دولة ومحاولة طمس هويتها وتغيير بنيتها، فقد كانت فلسطين دولة قائمة بشعبها وكيانها وحدودها وعملتها وحكومتها وبيئتها التحتية.
صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 من الأمم المتحدة ورُفض عربيا لأنه أعطى شيئا لا يملكونه "الأوروبيون" لمن لايستحقه "الإسرائيليون"، وظن العرب أنهم سينهون الوضع فإذا بالأمور تزداد سوءا بهزيمة ساحقة لهم في 1967م، خفف من وقعها انتصار 1973م لتبدأ بعدها محاولات السلام بتنازلات عربية كبيرة لم تصل حتى إلى التقسيم الذي رفض من قبل وليوافق العرب على التنازل عن الكثير من الأراضي مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م ومع ذلك تماطل إسرائيل وتبيّت نيتها في التهام الأرض العربية كاملة، وما حديثها عن السلام إلا للاستهلاك العالمي واكتساب الوقت لتنفيذ مخططاتها.
دولة فلسطين يجب ألا تأخذ هذا القدر من الضغوط والموافقات الدولية من أجل الاعتراف بها لأنها كانت قائمة، ودول كثيرة في العالم لم تأخذ هذا الجهد للاعتراف بها مع عدم وجود كينونة اعتبارها دولا ولكن الولايات المتحدة إذا أرادت للمنظومات الدولية أن تعترف بهذه الكينونات الهلامية دولا فما من أحد يجرؤ على الوقوف في طريقها، وإذا أرادت أن تقف ضد حقوق دول كانت قائمة مثل دولة فلسطين فإنها تبتز الآخرين بقوتها الضاغطة من أجل الوقوف ضد الوصول لهذه الحقوق.
دولة إسرائيل التي اغتصبت أرضا ودولة، اعترف بها العالم لأن القوى الكبرى تريد ذلك، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحت أداة لإيذاء الدول المجاورة والاعتداء عليها، فما تجرأت منظمة على إدانتها أو تنفيذ قرار واحد في صالح جيرانها، وهو ما يؤكد أن هذه المنظمات ما أقيمت إلا للابتزاز والسيطرة على الدول الضعيفة أو المستضعفة والاستيلاء على مقدراتها السياسية وتوجيهها بالقدر الذي يفيد الدول الاستعمارية السابقة ولو بأدوات داخلية من تلك الدول.
الثورات العربية أخذت اتجاها آخر فيه من القوة والشجاعة ما يمكنها من مجابهة هذه القوى الموجِّهة فقد أصبحت القيادات برضى شعوبها وقياس الرأي العام يؤخذ بالاعتبار في تحركات هذه القيادات، ولذلك فإن ما كانت تمارسه الدول الاستعمارية والكبرى ما قبل عام 2011م لن تستطيع تمريره بعد ذلك، لأن الكثير قد تغير وبالتأكيد كانت القضية الفلسطينية جزءًا من دوافع التغيير العربية فقد ظلت القضية تراوح مكانها عقودا رغم الوعود المخدِّرة التي كانت تطلق هنا وهناك بقرب الوصول لحل للصراع العربي الإسرائيلي ولكن بلا فاعلية، فاليد التي تريد حلا فعليا يجب أن تمارس ضغوطا على الطرف المتملص من تنفيذ أي اتفاق في سبيل الوصول للحل المنشود، وقد أعلنها صريحة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نتنياهو منذ سنوات بعد أن سقطت حكومته السابقة وأصبح في المعارضة، قال حينها إنه لو استمرت المفاوضات معه للأبد فلن يعطي الطرف العربي والفلسطيني شيئا وستظل المفاوضات من أجل المفاوضات فقط، ولذلك عندما عاد مرة أخرى لتبوؤ منصب رئيس الوزراء أعاد كرّة الحديث عن السلام كما كان يفعل من قبل بلا أي تغيير على أرض الواقع في النتائج بل يفعل العكس تماما، فقد أعطى الموافقات بإنشاء المستوطنات في كل مكان وخصوصا في القدس الشرقية حتى يمحو كل وجود عربي فيها وبالتالي يغير التركيبة الديموغرافية لها لتصبح يهوديتها أمرا واقعا، فعلى ماذا يكون التفاوض معه بعد ذلك، في ظل مناداته حتى أمس بالاعتراف بيهودية الدولة أي طرد الفلسطينيين منها بعد ذلك بناء على هذا الاعتراف.
طلب مقعد الدولة الفلسطينية هو طلب عادل بعد أن استمرت المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية لعشرات السنين بلا أية نتائج تذكر، فعلى ماذا يعول الرئيس الأمريكي وأركان حكومته وهو بالتأكيد على دراية أن المفاوضات لن تتمخض عن نتائج ولو استمرت لعشرات السنين، أم أنه تراجع عما طالب به في بدء ولايته بوجوب إقامة دولتين بعد ضغوط مورست عليه من اللوبي اليهودي، وطمعا في فترة حكم ثانية أصبحت انتخاباتها على الأبواب؟.
المطالب الفلسطينية بالاعتراف بدولتهم مشروعة ويجب أن تستمر بخطوات إيجابية -حتى لو قطعت الولايات المتحدة المساعدات التي تلوح بقطعها عنهم إذا لم يوقفوا طلبهم الاعتراف بدولتهم- لأن كل تأخير في مطالبهم ليس في صالحهم، وعلى الدول العربية المسَاهَمة في تقديم الدعم المطلوب لهم وتعويضهم عن ما يقطع من مساعدات هنا أو هناك لأن المكاسب العربية بمواقف سياسية موحدة والحصول على ما يطلبوبه سيغير نظرة العالم لهم في أي مطالب قادمة، وسيكون الإثبات عمليا أن السياسات العربية بعد2011 تختلف جذريا عنها قبل 2011م، وسنكتسب احترام العالم كله حتى الدول المعادية وستتبدل مواقف دولية كثيرة في مصلحتنا إذا أكملنا طريق الاعتراف بدولة فلسطينية، بدأها أبو مازن بتقديم الطلب للأمين العام للأمم المتحدة منذ يومين ومازالت الطريق تحتاج جهدا ومثابرة، فهل نتمم ما بدأنا به أم نتراجع وبالتالي تتراجع القضية أيضا؟.
 

كاتب مصري
Samy583@hotmail.com

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=594113&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 18 سبتمبر 2011

أياد تعبث بالثورة المصرية نشرت بتاريخ 18-09-2011م


أياد تعبث بالثورة المصرية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث    
  Samy583@hotmail.com
 
المتتبع للأسبوعين الأخيرين وما حدث خلالهما بمصر حتى الوصول للاعتداء على مقرات الأمن والسفارة الإسرائيلية بالقاهرة يستشعر أن هناك من يحاول العبث بالثورة المصرية ليخرجها عن إطارها والغاية التي تهفو لها نفوس الشعب المصري بل والعربي.
بداية الأحداث كانت مع مباراة للأهلي المصري مع أحد الفرق خرجت الجماهير عن المألوف لها، بإطلاق صيحات فيها ألفاظ جارحة جعلت الأمن المنوط بحراسة المدرجات يرد عليهم ثم تحولت الأمور إلى اشتباكات أصيب فيها الكثيرون.
الملاحظة الجديدة كانت ظهور بعض المشجعين بزيهم الذي يحدد النادي الذي ينتمون إليه ظهورهم في بعض البرامج ليعلنوا أن لهم مطالب سياسية لأنهم جزء من الشعب وبالتالي سوف يكون لهم دور في جمعة تصحيح المسار وفعلا حضر مشجعو الأندية في هذه الجمعة بأعلامهم التي تحدد انتماءاتهم للأندية بالإضافة لرفعهم علم مصر.
جماعة الإخوان والسلفيون والعديد من الاتجاهات الدينية أعلنت عدم حضورها هذه الجمعة بدواعي إعطاء الحكومة المؤقتة الفرصة لإكمال مابدأت وحتى لاتحمل المجلس العسكري مسؤوليات جديدة ربما تكون استشعرت حدوث شيء ما فامتنعت عن المشاركة في هذه الجمعة.
جمعة تصحيح المسار لم تكن مليونية كما تمناها منظموها لأن العديد من الاتجاهات لم تشارك فيها وأعلن المجلس العسكري سحب الأمن والحراسة من الميدان حتى لايترك أي مجال للاحتكاك مع الجماهير وانتهى نهار اليوم ولكن ليله لم ينته فقد كانت المفاجأة بتحرك العديد من الجماهير صوب السفارة الإسرائيلية وتحطيم السور الذي أقامته حولها وزارة الداخلية بل و اقتحام السفارة نفسها والوصول إلى أرشيف السفارة واتجاه فئة أخرى لمقرات الأمن بالمنطقة وتحطيمها وإشعال النيران في سيارات لوزارة الداخلية.
نتنياهو خرج للعالم وتحدث بتوتر شديد وقال إنه يتابع الأمر مع القيادة الأمريكية، "الأمريكية وليست المصرية" ليتحرك أوباما موجها اللوم لمصر بسرعة غير معهودة حتى قبل أن يستبين الأمر وقال إنه على اتصال بالقيادة المصرية، ثم يظهر نتنياهو في اليوم الثاني أي يوم السبت معلنا حرصه على اتفاقية السلام مع مصر مع تغيّر لهجته إلى الهدوء ليعلن وزير الإعلام المصري في الوقت نفسه أنه سيتم تطبيق قانون الطوارئ على هذه الأحداث، فيتم اقتحام مقر قناة "الجزيرة مباشر مصر" وإيقافها عن العمل بحجج واهية.
المتتبع لأحداث هذه الايام القليلة يلمس عدة أمور منها:
أن دخول الجماهير الكروية بهذا الشكل المفاجئ على الخط السياسي مع أنه ليس من اهتمامها لأن هؤلاء الألترس كما يطلق عليهم حبهم لناديهم الكروي يفوق أي شيء آخر وتوجههم السياسي يوحي أن هناك من وجههم لهذا الأمر حتى يستطيع عمل مايحلو له بإدخال بعض العناصر بينهم للتكسير والحرق ليصل إلى انفلات أمني بشكل يعيد الثورة خطوات إلى الخلف.
ثانيا: إزالة الحاجز الإسمنتي حول السفارة الإسرائيلية واقتحامها رغم أنه شعور وطني مصري وعربي ومطلب لكثيرين منهم إلا أنه كان لغرض إظهار عدم استطاعة الحكومة الحفاظ على ماتعهدت به من أمن للبعثات الدبلوماسية لديها وبذلك تكون نقطة ضغط على الحكومة لتنفيذ بعض المطالبات الخارجية التي قد تكون رفضتها من قبل.
ثالثا: إغلاق البث المباشر لقناة الجزيرة التي تثبت يوميا كفاءتها ومهنيتها في ملاحقة الأحداث في وقتها، أعتقد أيضا أن جهات وقفت خلف هذا الإغلاق وقد تكون بضغوط أمريكية إسرائيلية فشلت في الضغط من إجل إيقاف البث من قبل ولكن جاء اقتحام السفارة ليكون الفرصة السانحة لإيقافها.
هناك أياد تخطط وتعبث من أجل إيقاف المد الثوري المصري الذي يحلم بدولة ديمقراطية تحترم فيها حقوق الإنسان، ولذلك فإن الأيادي الخارجية التي قد لايعجبها الاتجاه لدولة حرة تنفذ إرادة الشعب قد تتلاقى مع أياد داخلية تود عودة الحال إلى ما كان عليه قبل الثورة حتى ولو بأسماء قيادات أخرى لأن القضاء على الفساد سيحرمها من الكثير من المكاسب التي تعودت عليها والمحاكمات الحالية قد تكشف عن الكثير من المفسدين الذين استمرأوا سرقة الشعب والدولة ولذلك فإن وجود أياد خفية في الأحداث الأخيرة واضحة للعيان وعلى الشعب المصري بثواره الأبطال أن يكونوا يقظين حتى تنجح الثورة ويكتمل بناؤها.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=592846&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 11 سبتمبر 2011

تركيا ودورها الإقليمي نشرت بتاريخ 11-09-2011م

تركيا ودورها الإقليمي 
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري


     
تركيا بموقعها المتميز تظل بؤرة اهتمام أوروبي حتى ولو تمنعت أوروبا عن قبولها عضوا في منظومتها، فتركيا دولة تقع على حدود أوروبا وآسيا وتطل أيضا على البحر المتوسط الذي يشكل وصلا مابين أفريقيا وآسيا وأوروبا.

المواقف التركية تبدلت وأصبحت أكثر قوة من قضايا المنطقة بعد وصول حزب الحرية والعدالة لسدة الحكم فأصبحت أكثر التصاقا من المطالبات العربية ويظل موقف رجب طيب أردوغان وانسحابه من مؤتمر دافوس العالمي لعدم ترك مساحة وقتية له للرد على المزاعم الإسرائيلية في اعتدائها على غزة يظل هذا الانسحاب نقطة فارقة في التاريخ التركي وتاريخ رجب طيب أردوغان حيث استقبل استقبال الأبطال في تركيا لدى عودته وتركت مقاطعته للمؤتمر شعورا عربيا إسلاميا بعودة تركيا لتبوّؤ دورها في الشرق الأوسط.

تركيا دولة عضو في المنظومة العسكرية الأوروبية وظلت على امتداد سنوات تنتظر منحها العضوية الأوروبية الكاملة التي منحت للعديد من الدول المستقلة، ولكن ظل الرفض الأوروبي قائما بالنسبة لتركيا نظرا لأنها دولة إسلامية ودول الاتحاد الأوروبي مسيحية، وبالطبع لايعلن الرفض من هذه الزاوية حتى لاتتهم بما تنادي به من وجوب احترام حقوق الإنسان وغيرها من القوانين الموضوعة للأوروبي دون سواه ولكن تخرج مبررات أخرى مثل عدم الوصول بالاقتصاد لما يؤهلها للانضمام أو عدم احترام حقوق الإنسان وما إلى ذلك من المبررات التي لاتنتهي لإيقاف انضمام تركيا للمنظومة الاوروبية.

القيادة التركية في عهد رجب طيب أردوغان وجدت أن الأصوب لتركيا العودة لدورها الإقليمي الرئيسي والالتصاق بقضايا الشرق الأوسط وخصوصا الدفاع عن القضية الفلسطينية وهو مطلب شعبي تركي ويعيد لتركيا زخمها ومكانتها اللائقة بين الشعوب الإسلامية وفي الوقت نفسه تكون الرسالة لأوروبا أن عدم قبول تركيا في منظومتهم لن يكون بالتأثير الذي تتوقعه أوروبا لأن الدور التركي في القضايا الإقليمية سيجبر أوروبا على التعامل معها بنطاق مختلف وفيه قدر كبير من الاحترام.

العلاقات الإسرائيلية التركية كانت دائما مميزة، قواعد عسكرية وتدريبات مشتركة وتنسيقات دائمة ليس لها مثيل مع دول أخرى، ولذلك جاء التوجه التركي بالاقتراب من القضايا العربية وخصوصا قضية فلسطين بمثابة زلزال للجانب الإسرائيلي فكان الرد الإسرائيلي بالتعامل القاسي مع السفير التركي السابق لديها بمحاولة إهانته وإجلاسه على مقعد أقصر من مقعد محاوريه الإسرائيليين وهو ما شكل بؤرة انتقاد تركي عنيف على هذا الموقف لتأتي موقعة محاولة فك الحصار الجائر على غزة وهجوم البحرية الاسرائيلية على السفن التي تحمل مواد غذائية للفلسطينيين المحاصرين ما تسبب في مقتل تسعة من الاتراك لتصل العلاقات ببن البلدين لمرحلة من الفتور غير مسبوقة.

العجيب في الأمر أن القيادة الإسرائيلية في الوقت الذي تقول فيه إنها لن تكون عدوا لتركيا وأنها حريصة على عودة العلاقات لسابق عهدها فإنها في الوقت نفسه ترفض الاعتذار عما جنته يداها في مقتل الاتراك التسعة ربما خوفا من ملاحقات قضائية بعد ذلك وربما بسبب العنت الاسرائيلي الدائم وتبرير أي عمل عدواني لها بمبررات واهية ومنها الدفاع عن النفس حتى ولو كان الآخر غير مسلح ولم يرتكب شيئا ضدها.

تظل الحماية الدولية للدولة العبرية من العقاب تمنحها شعورا بالفوقية فوق دول العالم ولذلك فإن التقرير الذي صدر عن لجنة بالمر التي عينتها الامم المتحدة كان منحازا تماما لإسرائيل ولذلك لم يستطع أحد الدفاع عن التقرير سوى إسرائيل التي هللت له ما أثار السخط التركي مع تجديد انتظار اعتذار إسرائيلي على ماحدث.

عودة تركيا لدورها الإقليمي في المنطقة والحديث عن توقيع اتفاقيات عسكرية مع مصر سيعطي ثقلا كبيرا للمنطقة وقضاياها ولذلك فإن إسرائيل مستاءة من هذا الدور وما جاء التصريح الأخير بأن البحرية الإسرائيلية في أتم قوتها سوى رد فعل لإعلان تركيا زيادة وجودها العسكري البحري في البحر المتوسط.

القيادة التركية بتحركها الإقليمي مع وجود قيادات واعية في المنطقة سيمثل حلقة جديدة من حلقات الضغط من أجل الوصول لحل القضايا العربية وفي الوقت نفسه رسالة لأوروبا أن لتركيا دورا ستقوم به ربما يكون أجدى من استعطاف أوروبا للقبول بعضويتها الكاملة التي قبلتها فقط في المنظومة العسكرية لفائدة أوروبا أما المنظومة المدنية فما زال الرفض قائما.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=591531&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 4 سبتمبر 2011

عيد جديد نشرت في 04-09-2011م

عيد جديد
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
 Samy583@hotmail.com   

عيد جديد بكل ما تحمله الكلمة من معنى يمر على الأمة الإسلامية، فقد وصف الشاعر أبو الطيب المتنبي حال الأمة في العيد بقوله "عيد بأية حال عدت ياعيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد"، الآن نستطيع أن نقول نعم يوجد جديد بعدما اعترى السكون الأمة العربية والإسلامية خلال العقود الأخيرة حتى ظنت الأمم الأخرى أننا أمة من الموتى أو أمة مستكينة فلا حراك ولا تقدم ولا وجود لأمل في تطور تشهده العديد من دول العالم، ليأتي الطوفان الشعبي ليغير هذه الأفكار التي التصقت بالعقول فإذا بهذا المارد العربي يخرج من قمقمه معبرا عما يجيش في صدره معبرا ومغيرا في آن واحد، ليأتي عيدٌ جديد، عيدٌ مختلف تماما عن سابقيه، عيدٌ ليس فيه زين العابدين بن علي أو حسني مبارك أو معمر القذافي وفي الطريق قد يكون بشار الأسد وعلي عبد الله صالح.

إنهم رؤساء دول لعشرات من السنين فما توقع أحد أن تكون نهاية حكمهم بهذا الشكل، فقد فر أحدهم هربا، وقدم آخر للعدالة ليلقى محاكمة عادلة تظهر بعض الحقائق في قضايا فساد عمت البلاد على مدى سنوات عديدة، وثالث ترك السلطة تحت وطأة السلاح ومازال ملاحقا، والآخران على الطريق نفسه.

يعود العيد من جديد وشعب سوريا الصامد يقدم التضحيات اليومية وما يئس أو تراجع رغم الدماء التي يقدمها في ظل نظام قمعي دموي لأن رياح الحرية ليست منه ببعيدة ولو تمادى الظالمون في غيهم وازدادوا قسوة على قسوتهم لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وما دام الشعب أراد الحياة بحرية وكرامة فإن القدر سيستجيب وسيكون النصر حليفه لامحالة.
يعود العيد من جديد وشعب اليمن الصامد ما زال مصرا على التغيير السلمي رغم الترسانة المكدسة بيد الشعب، فهو شعب مسلح بطبعه فلا يخلونّ بيت من سلاح، وطرق اليمن وعرة ويصعب السيطرة عليها، ومع ذلك ارتقى اليمنيون ببلدهم فجنبوها صراعا أراده المسؤولون وظلوا يرفعون الشعار الأقوى والأمضى من السلاح "سلمية"، ولذلك فإن تقديرهم في عيون الآخرين يزداد يوما بعد يوم لصبرهم شهورا ومازالت مطالبهم بالتغيير قائمة، وبكل تأكيد سيصلون إلى مرادهم.

العامل المشترك والذي لا تخطئه عين منصفة هو هذا الشعور الوطني العميق الذي تقدمه قطر في الوقوف مع كل مضطهد وتحركها الدولي الفاعل في كل المنتديات والمؤسسات العالمية والتضحيات العملية الملموسة التي تقدمها رغبة في مساعدة الشعوب العربية بكل ما تملك ما أكسب القيادة القطرية حب وثقة واحترام الشعوب العربية بل والعالم لمواقفها الفاعلة والمؤثرة مع الحق ومع الشعوب العربية في الوصول إلى ما تصبو إليه من حرية وديمقراطية وعدالة.

سيذكر التاريخ أن قطر الجزيرة كانت الساعد الأيمن للإنسان العربي في كل مكان حتى ولو جلبت عليها هذه المواقف غضب البعض من الحكام لأن مواقفها أثبتت روحا عربية أصيلة في مساعدة المحتاج وقت الشدة بلا منّ أو مطالب، وما زالت تقف الآن مع الشعب الليبي الذي عانى كثيرا فإذا بأيد عربية أصيلة تمتد إليه وتقف معه وتؤازره في الوصول لمبتغاه ولذلك عبر المجلس الوطني الانتقالي الليبي عن امتنانه وتقديره للموقف القطري وقال إن الشعب الليبي لن ينسى موقف الشعب القطري والقيادة القطرية.

الموقف القطري أيد المطالب الشعبية الليبية منذ اللحظة الأولى للثورة ولم يحسب حسابات هنا وهناك كما فعلت دول كثيرة ومنها الموقف الروسي الذي ظل منتظرا حتى أيقن أن النصر للشعب فأيده أما قطر فبدأت مع الشعب حتى حقق المراد بإزاحة سلطة باغية من أجل حياة كريمة.

هنيئا للشعوب العربية بالعيد الجديد وبنسمات الحرية التي انطلقت من تونس فعبَرت إلى مصر ثم ليبيا، وسوريا على الطريق مع اليمن ولو طال الانتظار.
عيد جديد بثوب جديد لأبناء العروبة، ثوب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وعدم الخوف من الملاحقات الأمنية التي تعودت عليها القيادات المخلوعة.
مع الأمنيات بعيد قادم تستقر فيه الأجواء وتثبت الديمقراطيات المنشودة مع سير عجلة الإنتاج من أجل إنسان عربي جديد في عيد جديد. وكل عام وأنتم بخير.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=590423&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 28 أغسطس 2011

واختبأ القذافي في الزنجة نشرت بتاريخ 28-08-2011


واختبأ القذافي في الزنجة
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  


أراد القذافي سوءًا بشعبه فهددهم أنه لن يترك بيتًا أو زنجة إلا وسيطهرها من الثوار الذين أطلق عليهم تسميات يعف اللسان عن ذكرها فوقع هو في الفخ وأصبح مطاردًا ويبحث عنه الثوار في كل بيت أو زنجة.
 هكذا شاءت الأقدار أن ينقلب السحر على الساحر وينكشف لنا قدر بعض الزعماء العرب الذين منحوا أنفسهم هالة إعلامية تخفي الحقيقة المرة التي لاتعرفها الشعوب. العقيد معمر القذافي ظل لغزًا محيرًا طيلة فترة حكمه فهو عميد الزعماء العرب، هكذا كان يصف نفسه في بعض القمم العربية التي لم تكد تمر إحداها إلا ويترك بصمته فيها بالمغادرة أو التعليق غير الطبيعي وكأنه يريد أن تتوجه إليه الأنظار فلا يهمه نجاحًا للقمة أو فشلا فكله سيان عنده ما دامت الكاميرات ستصوب عليه ووسائل الإعلام ستكتب عنه.
العقيد القذافي أراد أن يصبح زعيمًا للزعماء العرب ففشل، فاتجه للدول الأفريقية علها توافق أن يكون زعيمًا عليها فلم ينجح أيضًا سوى في تغيير مسمى منظمة الوحدة الأفريقية التي تأسست عام 1963 لتصبح الاتحاد الأفريقي في عام 2002، ولم يمل البحث عن الزعامة بأي ثمن حتى نصبته بعض القبائل الأفريقية بعد أن أغدق عليها من أموال الشعب الليبي لتوافق على تنصيبه ملكًا عليها وليضع ضمن قائمة تسمياته ملك ملوك أفريقيا.
المتابع لتاريخ العقيد القذافي يكاد يضحك أو يبكي سيان لأنه سيجد شخصية متناقضة في كل شيء قد يدعو إلى شيء ويفعل عكسه تمامًا ولنا أن نتذكر طرده الجالية الفلسطينية من ليبيا وتركها في وضع بائس على الحدود في الوقت الذي كان يطالب فيه بحقوق الفلسطينيين، وقيامه بالدفاع عن صدام حسين في الوقت الذي ارتعد وارتعب بعد دخول القوات الدولية العراق والإمساك بصدام حسين وإعلانه في خطوة غير طبيعية بالمرة تسليم المفاعل الذري الذي تم تجميع أجزائه في ليبيا على مدى سنوات بل وإيصاله بكل مكوناته للولايات المتحدة الأمريكية التي فوجئت بخطوته، حتى تعفو عنه ولا تفكر في الإيقاع به كما فعلت مع صدام، ليأتي بعد ذلك في مؤتمر القمة العربي متحدثًا ومعاتبًا العرب على سكوتهم عن ما يحدث لصدام والعراق في مفارقة غير طبيعية، والأغرب من ذلك أنه سلم الولايات المتحدة الامريكية قائمة بالعلماء الذين شاركوا في مشروع المفاعل الذري الليبي ففتح باب جهنم على الكثير من العلماء الذين ساعدوه، وكان على رأس القائمة أبو القنبلة الباكستانية العالم النووي الشهير عبد القدير خان الذي أصبح مطاردًا بعد ذلك وسُجن وضُيق الخناقُ عليه بسبب قيام القذافي بإفشاء أسرار البرنامج النووي الليبي بلا أدنى مسؤولية أو حرص على من ساعدوه في البرنامج النووي الليبي.. وكل هذا كان خوفًا من القوات الأمريكية وحتى يتحاشى أن يؤول لمصير صدام حسين.
القذافي قدم كل المطلوب لأمريكا حتى تعفو عنه وتتركه وشأنه بعد دفع الثمن، ولكن الأقدار كانت له بالمرصاد، ليأتيه الرد من مأمن، من شعب أراد أن يستنشق عبير الحرية حتى لو دفع الثمن دماءً ودمارًا، فقد توعد القذافي الثوار أنه لن يستسلم بل سيحول ليبيا إلى جحيم، وسيبحث عن هؤلاء الباحثين عن الديمقراطية "زنجة زنجة ودار دار"، ونفذ ما توعد به شعبه، فدمّر المدن والقرى بسلاح ثقيل وأعوان ومرتزقة اشتراهم بماله، فقتل عشرات الآلاف حتى أراد الله أن يذوق هو العذاب ويهرب مثل الجرذ بمثل ما وصف به شعبه أنهم جرذان ويتعاطون المخدرات، فهل من عاقل يتهم شعبه بمثل هذه الصفات؟!!، إنه لشيء محزن أن يكون الرئيس الذي حكم أكثر من أربعين عامًا بهذه الأخلاق التي لا يستطيع الإنسان وصفها، فما صدر منه ينبئ عن ألفاظه الطبيعية وصفاته الحقة التي داراها وأخفاها عن طريق الإعلام الموجه الذي للأسف الشديد يكون في خدمة السيد.

المأمول أن تسود الديمقراطية الأراضي الليبية فهي ليست بأقل من دول أوروبا التي يُعرف فيها أي مسؤول قبل توليه ويُعصر في مناظرات هنا وهناك فينكشف أمره فيستبعد إن كان طالحًا أو يرتقي إن كان صالحًا.
فهنيئا لليبيا وشعب ليبيا الخلاص من دكتاتور أراد بليبيا أن تظل بعيدة عن التطور الذي يشهده العالم في ظل ثروات ليبية كانت كفيلة بنقل ليبيا نقلة هائلة، ولكن المؤكد أن الشعب الليبي سيبدأ في بناء دولته على أسس جديدة تحترم حقوق الإنسان مع إقامة مؤسسات وبنية جديدة تتواكب مع تطور العصر.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=589543&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 21 أغسطس 2011

سيناء ساحة استراتيجية نشرت بتاريخ 21-08-2011م


سيناء ساحة استراتيجية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  
  Samy583@hotmail.com




بقلم/ سامي زكريا:
 اتجهت الأبصار خلال الأيام الماضية صوب جزء من مصر يمثل بوابة الارتباط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وساحة استراتيجية مصرية في غاية الأهمية لارتباطه دائما بالحروب والأطماع الخارجية فيه التي لم تنته حتى بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وبموجبها عادت بقية سيناء إلى مصر بشروط منها تحديد حجم القوة العسكرية المرابطة فيها.
تحديد عدد القوات المصرية المرابطة بسيناء بناء على الاتفاقية المبرمة بين البلدين نادت مصر كثيرا وعبر سنوات بوجوب تغيير بعض بنود هذه الاتفاقية نظرا لتطورات أمنية تُلزِم الجانب المصري بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى بعض المناطق للسيطرة عليها، ولكن كانت هذه المطالبات تلقى رفضا إسرائيليا دائما، نظرا لخشيتها الدائمة من الجيش المصري، ويقينها أنه الجيش الأقوى في المنطقة والوحيد الذي يمكنه مجابهة القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة بالأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة والغرب عموما، ولذلك تتحاشى حتى مجرد وجود قوات عسكرية مصرية في الجوار ولو لدواع أمنية بحتة.
سيناء هذا الجزء الاستراتيجي في الجغرافيا المصرية مساحته تبلغ مايقرب من 61 ألف كم مربع أي حوالي سدس مساحة جمهورية مصر العربية وبالرغم من ذلك فإن عدد سكانها لا يتعدى المئات من الآلاف ولا يصل حتى إلى 500 ألف في دولة تعدى عدد سكانها الـ 86 مليونا.
هناك فجوة كبيرة بكل المقاييس بين نسبة عدد السكان والمساحة في سيناء تنبه لها العديد من السياسيين وكان منهم الرئيس الراحل أنور السادات والذي تمنى فيما روي من بعض المقربين منه أن يدفن فيها بعد وفاته أي أنه تنبه لأهمية دعمها بكل السبل.
بَصُر هذا الأمر أيضا رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري ووضع خططا لتعمير سيناء وجذب السكان للإقامة فيها، وكان من عوامل الجذب منح الموظف في سيناء ضعف ما يتقاضاه في أي مدينة أخرى مع منحه السكن المناسب بأسعار رمزية وتيسير تحويل أبنائه للمدارس، ما جعل العمل في سيناء قبلة للكثيرين، وبدأت تنمو المعاملات بمدنها مع إنشاء المشاريع وإقامة مدن جديدة بمرافقها المختلفة، ولكن فجأة لم يرض الرئيس المخلوع حسني مبارك عن إنجازات الجنزوري والاتجاه التنموي الذي انتهجه، ولم يكن الجنزوري متحركا في سيناء فحسب بل كانت إنجازاته في مصر كلها فجاءت إقالته التي مثلت صدمة للمصريين وقتها لأنه لم تكن عليه شائبة وكان يعمل من أجل مصر بكل إخلاص، ليأتي بعده أفسد رؤساء الوزراء في مصر عاطف عبيد الذي مثل انتكاسة كبرى نظرا لحجم الفساد الذي استشرى في عهده وبيع شركات ومصانع لرجال أعمال بلا مقابل فِعليّ فانهار الاقتصاد في عهده وتوقفت كل مميزات التنمية في سيناء، ولم يعد أحد يسمع بعد رحيل الجنزوري عن سدة رئاسة الوزراء أي شيء عن سيناء إلا الأخبار السيئة.
سيناء بقعة مهمة جدا بمصر بل وللعالم العربي بأكمله, فهي نقطة الوصل بين آسيا وأفريقيا, وبها العديد من المعادن التي استغلتها الحكومات الإسرائيلية فترة احتلالها, وقامت بسرقة كنوزها المعدنية بل والأثرية، ففيها المنجنيز والفحم الحجري الذي كان من أوائل من اكتشفوه الدكتور مصطفى الفار مدير متحف قطر الوطني السابق، وبها اليورانيوم والعديد من المعادن التي يمكن إقامة صناعات عليها.
الحكومة العسكرية الحالية تنبهت لوجود خلايا لمنظمات تحاول العبث بأمن مصر من خلال استغلال عدم الوجود العسكري الكافي في سيناء، لذلك أرسلت قوات لتمشيط المنطقة بحثا عن الأسلحة وتأمينا لعدم حدوث قلاقل فيها، ولتقضي على هذه التشويشات من بعض التقارير التي تشير إلى عدم تحكم القوات المصرية في سيناء ولتغلق هذا الملف نهائيا، مع أملنا باستمرار وجود الجيش المصري في سيناء وبالعدد الذي تقرره مصر وليس بناء على اتفاقيات تتحكم في وجود أبنائها على أرضهم، فسيناء مهمة لمصر بقدر أهمية القاهرة والشرقية والاسكندرية وغيرها من المحافظات المصرية، ولذلك يجب أن تعود إليها التنمية في شتى المجالات لأنها تمثل حائط الصد الأول ضد أي عدوان، وقلة عدد السكان بها يغري الآخرين فيها وهو ما لا تفريط فيه لأنها جزء لايتجزأ من مصر ومن تراب مصر وقد ذكرت سيناء في القرآن كما ذكرت مصر فهي بقعة مباركة في بلد طيب مبارك.

الأحد، 14 أغسطس 2011

الصومال والجوع نشرت بتاريخ 14-08-2011م

الصومال والجوع



بقلم: سامي زكريا
 كاتب وباحث  مصري  
  Samy583@hotmail.com


  مكافحة الجوع تعد من أصعب المواجهات التي قد تواجه العالم في الحاضر والمستقبل، وعلى حكومات العديد من الدول الاستعداد لهذه المواجهة لأن الجفاف والجوع يضربان بين الفينة والأخرى بقعة من بقاع العالم فما أقسى أن تجد إنسانا لايجد قوت يومه أو يسد رمقه، ولذلك اعتبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من كان عنده قوت يومه كأنه حيزت له الدنيا.

هذه الدنيا التي يتكالب عليها الجميع ما بين جامع لثروات فيها من حلال وآخر طامع للخلود فيها جامعا ثرواته من حرام ثم يتركها لامحالة عاجلا أم آجلا، كل هذه الدنيا لا يحتاج فيها الإنسان إلا لكسرة خبز تسد جوعه، وشربة ماء تروي ظمأه، وطمأنينة من غدر أو خيانة، وحرية يدلي من خلالها برأيه.

هذا الإنسان الذي يتجبر على الأرض ويظن أنه مالكها إذا شح عنه الطعام والشراب يصبح هيكلا عظميا، وما خلق الله إنسانا أو كائنا حيا إلا وجعل له رزقا معلوما ولكن الفساد الكوني هو الذي يتسبب في كوارث هنا وهنا.

الصومال بلد إفريقي غني بموارده الطبيعية الوفيرة فهو يطل على خليج عدن والمحيط الهندي ولو كانت هناك حكومة قوية مسيطرة فعليا على مقدرات البلاد وحدوده لما وصلت الحال إلى هذه المجاعة المؤلمة.

الصومال منذ سقوط محمد سياد بري في عام 1991 والذي كان يعتبر في عصره دكتاتورا، تفاءل الصوماليون خيرا بعد سقوطه ومنوا النفس بعهود جديدة من الرخاء والرفاهية في ظل دولة جديدة على أسس من الديمقراطية فإذا بهم يجدون دولتهم في مهب الريح في تصارع محموم بين جنرالات الحرب لم يتوقف، فطمعت أثيوبيا في الحدود، وانعزلت هرجيسيا وأعلنت إقامة جمهورية أرض الصومال التي لم يعترف بها أحد، وظلت الصراعات قائمة بين الجنرالات للسيطرة على منطقة هنا وأخرى هناك، وبفعل تدخلات خارجية لتحقيق أهداف خاصة.

الصومال الدولة، والصومال الشعب، يدفعان الثمن الغالي فأبناء الصومال تشتت الملايين منهم في بقاع الأرض ولم تخل من وجودهم دولة ما بين كندا وأمريكا حتى اليمن التي لجأ إليها الكثيرون أيضا عبر قوارب بدائية كان الموت للعديدين منهم أقرب إليهم من وصولهم للشاطئ طالبين فقط الأمن والأمان!.
الجوع الذي يضرب الصومال بقسوة بعد موجة جفاف عاتية ليس الأول ولن يكون الأخير إلا إذا توجهت الأمة العربية بكل قوتها إلى هناك بعد إيقاف آلة الحرب القاسية المدمرة التي تجتث الأخضر واليابس في ربوع الصومال، فلن تقوم للصومال قائمة مادامت حرب الكر والفر مستمرة بين أبناء الشعب الواحد وهذه نقطة أولية يتحملها أبناء الصومال.

النقطة الثانية هي دور المنظمات الإنسانية العربية أولا قبل العالمية في الحركة السريعة بإقامة جسر جوي لإيصال المساعدات العاجلة من أدوية لمعالجة المرضى نتيجة سوء التغذية وتقديم الغذاء الصحي والمياه وحفر آبار في مناطق مختلفة لسد حاجة هذه المناطق من المياه ثم إقامة مشروعات دائمة لأهالي هذه المناطق.

الجوع الذي يضرب بأطنابه الكثير من مناطق العالم تقابله وفرة في العديد من المناطق أيضا تصل إلى تخلص بعض الدول الكبرى من الكثير من إنتاجها من الحبوب وغيرها حتى تحافظ على الأسعار المرتفعة التي تعودت على البيع بها.

إن وجود مجاعة في جزء من العالم لا يعفي الدول الغنية من مسؤولياتها حتى ولو كانت في هذه المناطق المتضررة حروب وصراعات لأن الكثير من خيوط هذه الصراعات ما زالت في يد قوى خارجية تعبث بمقدرات هذه الدول الضعيفة التي لم تتعلم الدرس بعد رغم مرور عشرات السنين وسقوط مئات الآلاف من مواطنيها قتلى أو جرحى ورغم ذلك يظل الوثوب إلى السلطة هدفا للعديدين ولو على جمائم أبناء الوطن أو إفناء مقدراتها كاملة وما يحدث في ليبيا وسوريا خير دليل على ذلك ويؤكد ما يحدث بالصومال منذ أكثر من عشرين عاما.

"لو كان الجوع رجلا لقتلته" قالها علي رضي الله عنه فما أقسى أن ينام إنسان على وجه الأرض ولا يجد مايسد رمقه وفي بقعة أخرى تلقى الأطعمة في البحار حتى لاتنخفض أسعارها أو في النفايات بعد موائد عامرة لايؤكل منها سوى القليل وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء بقوله "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره إلى جواره جائع" والجوار يشمل الدول أيضا.


http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=587345&version=1&template_id=24&parent_id=23

الاثنين، 8 أغسطس 2011

محاكمة الرئيس نشرت بتاريخ 08-08-2011م


محاكمة الرئيس





بقلم: سامي زكريا
(كاتب من أسرة الراية) 

سيظل يوم الأربعاء الثالث من أغسطس من عام 2011م يوما تاريخيا بكل المقاييس، فلم نكن نتخيل أننا سنشاهد رئيسا سابقا ظل على عرش كرسي القيادة في بلده لأكثر من ثلاثين عاما سنشاهده في قفص الاتهام وينادى عليه باسمه المجرد من قبل رئيس المحكمة ويرد هو وبنفسه أفندم أنا موجود.

لحظة فارقة بكل المقاييس في تاريخ مصر بل والأمة العربية بأكملها فلم يكن أحد يصدق أنه سيشاهد هذا المنظر بعينيه فقد كان التشكيك في حدوثه كبيرا ما بين قائل أن ظهور الرئيس المخلوع بين يدي العدالة وعلى مرأى من العالم سيظل في يد المحامين الذين سيماطلون بتأجيل تلو آخر حتى تأتي منيته ويقابل ربه قبل أن يوضع في هذا القفص مثله مثل أي مواطن ارتكب جرما أو مخالفة ووجب التحقيق معه حتى يثبت براءته أو تثبت إدانته.
حسني مبارك ليس رجلا عاديا، فهو حَكَمَ مصر لعقود، ومصر ليست دولة عادية فهي ميزان الشرق الأوسط ورمانته، بقوتها تقوى المنطقة بأكملها، وضعفها يترك الأمور على أعنتها فتتدهور المنطقة وتأكل منها الذئاب القاصية من كل جانب، ورئيسها السابق للأسف أوصلها وأوصل المنطقة لمهانة وضعف لم تشهدهما المنطقة من قبل، فقد انكفأ على نفسه واهتم بأمور عائلية بحتة وترك الملفات القومية خارجية كانت أو داخلية تعبث بها الرياح، فتطايرت الملفات هنا وهناك، ولم يعد لها من رقيب أو مسؤول عنها، لأن الأم مصر تركتها فانفصل جنوب السودان وازداد الحصار على غزة وساءت العلاقات مع الكثير من الدول وأصبح الأمن المائي المصري مهددا من العمق والمصدر، وتداعت الأحوال الاقتصادية لمستويات لم تشهدها، وارتفعت نسبة البطالة، وبيعت أصول مصر بلا مقابل، بل ومخزونها أيضا من الغاز، وربما تكون هناك أصول أخرى كثيرة بيعت ولكن لم يكشف أمرها بعد العبث بأوراقها.

مصر فقدت الكثير في عهد مبارك ولولا ستر الله ورأفته بمصر لسارت الأمور للأسوأ ولكن جاءت الثورة لتعيد ترتيب الأوراق من جديد وليبني الشعب بلده ومستقبله على أسس جديدة ليس فيها حسني مبارك أو جمال مبارك أو حبيب العادلي الذي تجبر وطغى وقتل الكثيرين بدم بارد وجعل أمن الدولة سلطة قهر وتعذيب على الشعب المصري كله.

حسني مبارك وهو في القفص يحاكم مع معاونيه من أبنائه وزبانيته أعتقد أنها كانت من أصعب لحظات حياته، فقد كان من قبل الآمر الناهي الذي لم يدر بخلده لحظة أنه سيقف هذا الموقف أو يوضع في موضع الشبهة ولكنها إرادة الله الذي أراد الخير بمصر وشعب مصر بل والمنطقة كلها.

صبيحة 3-08-2011م سيسجلها التاريخ بأحرف ذهبية حيث توقفت الحركة في مصر بل والكثير من الدول العربية ودول العالم لرؤية رئيس كيف أصبح في وضع مهين، غير مصدقين أعينهم أنه الرئيس الذي كانت تصفق له الأيادي منذ عدة أشهر، وكان الكثيرون يتمنون رؤيته أو السلام عليه فإذا به يصبح بين جدران مغلقة ولو كانت مكيفة والتي طالما وُضع فيها الكثيرون بلا جريرة سوى أنهم يصدحون مطالبين بحقوقهم في حياة كريمة.

محاكمة الرئيس بقدر ما فيها من رموز ودلائل ستظل ماثلة في عقول الكثيرين وأعتبر أن العظة والعبرة فيها للقادمين بعده هي الأكبر والمبتغى فقد مرت مرحلة والمرحلة القادمة هي المعقود عليها الأمل في عودة مصر للقيادة التي تبتغيها معظم الدول، فمصر مكانتها في عل، والرئيس القادم مع حكومته رأى بعينيه محاكمة رئيس سابق فلا أعتقد أنه سيجرؤ بعد ذلك على ارتكاب مخالفات بمثل هذه الجرأة التي ارتكب بها حسني مبارك مخالفاته وإلا فإن القفص موجود والقضاة الشرفاء موجودون والشعب الذي هب وانتفض لا أعتقد أنه سيستكين مرة ثانية.

هنيئا لمصر الدرس الجديد بعد ثورتها المباركة التي ستظل بكل المقاييس علامة فارقة في تاريخ المنطقة بأكملها، والقادم إن شاء الله سيكون لبنة جديدة في بناء مصر الجديدة على أسس من العدالة واحترام حقوق الإنسان.
Samy583@hotmail.com 



http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=586253&version=1&template_id=24&parent_id=23

الاثنين، 1 أغسطس 2011

رمضان مختلف نشرت بتاريخ 1رمضان 1432هـ- 1-8-2011م


رمضان مختلف
بقلم: سامي زكريا
 كاتب من أسرة الراية  
  Samy583@hotmail.com

جاء رمضان بكل عبقه وروحانياته، ومرت سنة من أعمارنا ليأتي رمضان مختلفًا هذا العام فرمضان هو رمضان ولكن الاختلاف في الأحداث التي سبقته وما زالت متواصلة فيه وربما تستمر بعد رحيله أيضًا.

يأتي رمضان هذا العام وقد انزاحت عن كاهل الملايين الأحاديث التي كانت متداولة في وسائل الإعلام العربية بل والعالمية ومنقسمة بين مؤيد لتوريث الحكم في مصر ومعارض لهذا التوريث الذي امتد ليشمل العديد من الدول العربية، ليأتي رمضان في العام الجديد وشعب مصر يحرك الأحداث إلى مايرنو إليه من حكم يكون من اختياره وعدالة اجتماعية منشودة وتتوقف نغمة التوريث في كل الدول التي كانت تتأهب لهذا الفعل.

يأتي رمضان وشعب تونس يؤسس لدولة ديمقراطية ويثور على الظلمة ويحاكمهم ويطارد الهاربين منهم.
أتى رمضان وكل الآمال العربية منصبة على نهاية المأساة التي تعيشها شعوب كل من ليبيا التي قتل منها الآلاف على يد حاكمها وما زال متمسكًا بالحكم حتى ولو وصل الأمر إلى نهاية الشعب ليكون حاكما على نفسه، وسوريا التي يضحي أبناؤها بدمائهم يوميًّا متصدين بصدورهم لرصاص الأمن الذي يحمي النظام وليس الشعب، واليمن التي يدفع شعبها الكثير كل يوم من أجل الوصول إلى بداية طريق الحرية والديمقراطية المنشودة.

الشعوب العربية يأتي رمضان هذا العام وهي مختلفة بكل تأكيد فقد ارتفع صوتها صادحا بالحق في العيش بحرية وكرامة فالدماء تسيل وما يردعها ذلك عن المطالبة بحقوقها فقد وصل الأمر لمنتهاه فالموت أشرف من الحياة في ظل استبداد وطغيان وعبودية مقنعة يمارسها من جاؤوا بزعم قيادة الشعب لحياة كريمة.

رمضان هذا الشهر الكريم الذي اختصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن فجعل فيه ليلة خير من ألف شهر في ثوابها والعبرة هنا بالتقوى حيث يقول سبحانه "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وهنا يجب أن نقف جميعا أمام "لعلكم تتقون"، فالصيام ليس توقفًا عن الطعام والشراب فحسب بل يجب أن يكون تدريبا فعليا على نشأة إنسان جديد مختلف تماما عما كان عليه، فكثيرًا ما تمادى حكام دول عربية وشرق أوسطية في غيهم وقسوتهم حتى وصلت الأمور ببعض الشعوب إلى المطالبة ببقاء السلطان والحاكم مدى حياته بل تنادى البعض للأسف الشديد في مشاهد شاهدها العالم بأن حكمه لبلده "سوريا" لايكفي بل إنه يجب أن يحكم العالم أجمع في نفاق فظ وممجوج وآخرون يحصلون على منافع خاصة ولو كانت على حساب بقية الشعب هكذا تسير القافلة في العديد من الدول، لذلك فإن رمضان هذا العام يجب أن يكون انطلاقة جديدة لكل من يعيش على الأرض الإسلامية، فالمسلم يجب عليه أن يغير حياته لتكون وفق منهج الله فالتقوى يجب أن تكون سلوكا له في حياته فلا يظلم نفسا بشرية إن كان مسؤولا في شركة أو مصنع أو إدارة ولا يظلم زوجا أو ابنا أو ابنة وأن يكون رحيما في تعاملاته مع الآخرين ومن كان غير مسلم يعيش على ثرى الديار الاسلامية فعليه أن يتبع تعاليم دينه في حسن الأخلاق فلا للرشوة ولا لتأليه المسؤولين فهم موظفون مثل كل موظف وعليهم أن يؤدوا دورهم في خدمة المتعاملين معهم وهذه مسؤولية الجميع فالأوطان لاتنطلق إلا بجهود أبنائها فإذا استقاموا استقامت الديار ونمت وإذا تخاذلوا سقط الجميع لأنهم في سفينة واحدة في نهاية الأمر.

رمضان هذا العام يجب أن يكون منعطفا جديدا لشعوب الأمة الاسلامية بالتوافق بينهم على ما يجمعهم ولا يشتتهم فكل انطلاقة تنعكس على الشعوب بالخير وكل انتكاسة يرتد أثرها على الجميع. 


رمضان المختلف الذي نصبوا إليه جميعًا هو أعمال الأمة الإسلامية التي يجب أن تكون على قدر هذه الأمة وعلى قدر التحديات التي تواجهها وأملنا كبير أن ينتهي سيل الدماء الدافق في شتى البقاع ليعود الجميع للتحدي الأكبر وهو تحدي البناء من أجل أمة قوية الجانب.

كل عام وأنتم بخير

 Samy583@hotmail.com
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=585071&version=1&template_id=24&parent_id=23
  

السبت، 23 يوليو 2011

المساعدات المشروطة نشرت بجريدة الراية بتاريخ 24-07-2011م


المساعدات المشروطة



بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  
  Samy583@hotmail.com

                            
الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية لا تقدم مساعدات لدول الشرق الأوسط لوجه الله، فكل دولار له هدف، ومعلوم مدى تأثيره وما هو المقابل الذي سيجنيه هؤلاء من كل دولة أو جهة في مقابل هذه المساعدات.
مع بداية الثورة المصرية أعلنت الولايات المتحدة رغبتها في تقديم مساعدات لكن رفعت أصوات الثوار بعدم الرغبة في مساعداتها، وحتى في ظل اشتداد الخناق الاقتصادي على الحكومة المصرية المؤقتة وتفاوضها مع صندوق النقد الدولي الذي تنازل عن الكثير من شروطه رغبة في تقديم قرض بعدة مليارات لمصر ولكن مع الضغوط الشعبية ورغبة في عدم الولوج لهذا المنعطف غير المقبول أعلن وزير المالية المصري عدم احتياج مصر لأي مبالغ من صندوق النقد الدولي، وكان لوقفة قطر الأخوية بتقديم دعم مباشر للحكومة المصرية أثره الرائع على الحكومة والشعب المصريين لأنها وقفة أخوية طالما قامت بها الدوحة في العديد من المناسبات.
الدول الغربية مختلفة تماماً في دعمها فهي تقدم من أجل أهداف أو لممارسة ضغوط فكثيراً ما كان الرئيس المخلوع حسني مبارك يقدم تنازلات أو يمارس ضغوطاً على جواره إرضاء لأمريكا وللغرب خوفاً من قطع المساعدات التي تقدمها، وكثيراً ما كانت الحكومة الأمريكية ترفع عصا المساعدات كلما اتخذت الحكومة المصرية موقفاً لا ترضى عنه الحكومة الأمريكية، وعندما كانت تلوّح بتخفيض هذه المساعدات المقدمة لمصر كانت الوفود الحكومية المصرية لا تتوقف ذهاباً وإياباً استعطافاً لعدم تخفيض المساعدات.
منذ يومين تقدمت لجنة بالكونجرس الأمريكي بمشروع قانون يتضمن اقتراحاً بوقف المساعدات الخارجية الأمريكية عن دول في منطقة الشرق الأوسط ومنها مصر إذا وصلت إلى السلطة في هذه الدول جماعات "متطرفة" من وجهة نظرهم،وهذه الجماعات المتطرفة المقصود بها بكل تأكيد أي اتجاه إسلامي يصل للسلطة مع أن كل الاتجاهات أعلنت أنها ستقيم علاقات مع دول العالم وستلتزم بما وقع عليه من معاهدات سابقة ومع ذلك فإن تخوف الكونجرس على إسرائيل يجعله مبادرًا بمثل هذه الضغوط الاستباقية والتحريضية أيضا على جبهتين الجبهة الأولى تحريض الحكومات الغربية بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، والجبهة الثانية تحريض داخلي في هذه الدول المقصودة بمحاولة التأثير على الرأي العام في اختياراته القادمة وتحذيره بأن اختيار الاتجاه الإسلامي سيفقدهم المعونات والمساعدات الخارجية وهو أمر غير مقبول بالمرة، ويفضح الوجه الآخر لهذه الدول التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتتراجع عما تعلنه دائماً من أن صناديق الانتخابات هي التي تفرز من يحق له الحكم.
الحكومات الغربية تحترم حقوق الإنسان في ديارها، وتقيم العدل المنقوص في كثير من الدول العربية، ولكنها لا يعنيها هذا الأمر كثيراً في ديار أخرى إذا تعارضت إقامته مع أهدافها، فإسرائيل وأمنها واستقرارها هو ما يهمها أكثر من إقامة حكومات ديمقراطية في المنطقة، وإذا كان وجود حكومات منتخبة من الشعب لن يعطي الأمان لإسرائيل فإنها بكل تأكيد ستقف ضد طموحات هذه الشعوب إرضاء لإسرائيل.
إسرائيل في استراتيجيات الحكومات الغربية فوق كل شيء، فوق القوانين وفوق الأمم المتحدة وإلا اذكروا لي مرة واحدة أجبرت على تنفيذ قرار واحد اتخذته المنظومة الدولية.
التهديد بوقف المساعدات يجب أن يذكر الثوار والحكومات العربية جميعاً أن الاعتماد على النفس هو السبيل للحرية فلا للمساعدات إذا كانت ستعيدنا للخلف، ولا للمساعدات إذا كانت ستكمم الأفواه، ولا للمساعدات المشروطة بأهداف آنية ومستقبلية.
إذا كان ثوار مصر رفضوا المساعدات الأمريكية المشروطة في بداية الثورة فأعتقد أن الرسالة يجب أن تكون قد وصلت إليهم هناك في واشنطن والعواصم الأوروبية أن المرحلة القادمة توجب عليهم التعامل بندية لأن مصر بها من الإمكانات والأموال ما يكفيها وزيادة إذا أحسنت استغلال واستثمار مواردها بشكل جيد، ومصر ما بعد الثورة لا أعتقد أبدًا أنها ستصل إلى ما وصلت إليه قبلها من استجداء المساعدات لتيسير أمور الدولة في الوقت الذي كانت فيه جيوب مسؤوليها متخمة بأموال الشعب، فالرسالة يجب أن تصل إليهم أن الزمن لن يعود للخلف وعقارب الساعة تسير للأمام ومستقبل مصر سيكون مشرقاً بكل تأكيد بدون مساعدات مشروطة من واشنطن وغيرها.


السبت، 16 يوليو 2011

دارفور نشرت بتاريخ 17-07-2011م


دارفـــــــــــور

 بقلم: سـامي زكـــــريا
 كاتب صحفي وباحث مصري   
  Samy583@hotmail.com



                                     
عامان ونصف العام من المفاوضات التي قادتها الدوحة بين الأطراف المتصارعة في دارفور توجت بالتوقيع على اتفاق سلام بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة.
ثلاثون شهرًا بالتمام والكمال كانت الفترة التي قادت فيها قطر المفاوضات بين الأطراف المتنازعة في إقليم دارفور السوداني بذلت خلالها جهودا جبارة مع صبر من أجل التوفيق بين الآراء والاتجاهات التي لا يشكك أحد في وطنيتها، ولكن توقيت ظهور الحركات الانفصالية في السودان يترك دائما علامات استفهام كبيرة.
ففي الوقت الذي تصاعدت فيه مشكلة الجنوب مع الضغوط الدولية على حكومة الخرطوم طفت إلى السطح فجأة مشكلة دارفور وأخذت بعدًا دوليًّا بعد تحويل ملفات عدد من القيادات لمحكمة جرائم الحرب الدولية لاتهامهم بارتكاب ما اعتبرت جرائم حرب في الإقليم، وبدأت حركات أخرى في مناطق مختلفة تطالب بما طالب به الجنوب بحق تقرير المصير وأصبحت كأنها عدوى بين المناطق تريد كل منطقة استقلالا، لتتلاقى مع رغبات العديد من الدول الغربية التي لا تريد للسودان وحدة.
كثيرا ما نحمل تبعات مشاكلنا لتدخلات أجنبية في شؤوننا وأجندات خارجية تمهد السبل وتضع البذرة وتنميها وهذا لا نستبعده ولكن يجب أن نحاسب أنفسنا نحن لمَ تصل الأمور إلى الأسوأ دائما وأين دور الحكومات في حل معضلات أبناء شعبها ومشاكلهم وهي في كثير من الأحيان بسيطة ويمكن حلها في بداياتها ولكن للأسف الشديد الحكومات تكون في واد والأمور تتسارع في الوادي الآخر.
تيسير الحياة للمواطن السوداني أعتقد أنها من أبسط الحقوق الواجب على الحكومة المركزية تلبيتها لمواطنيها، وليس أقل من تعبيد الطرق بين المدن المختلفة وهو ما بح به صوتنا في الثمانينيات فالمواطن الجنوبي كان يلبي حاجته من المواد الأساسية في ذلك الوقت من الصابون وحاجاته اليومية من كينيا وأوغندا لعدم وجود طريق بري ممهد بين جوبا والخرطوم، إذا كان الأمر كذلك في الحاجات الأساسية فهل تتوقعون انتماء بعد ذلك؟، هكذا كان الأمر في الجنوب ولم يتم الوصول للمواطن الجنوبي بالقدر الذي يجعله يقرر البقاء في السودان الموحد.
السودان مترامي الأطراف وكثيرا ما ركزت الحكومات على العاصمة بمدنها الثلاث "الخرطوم وأمدرمان والخرطوم بحري" وتركت مناطق شاسعة بدون خدمات، وأبناء هذه المناطق انطلقوا في الدول وتعلموا ورأوا التطور العالمي وعندما عادوا لديارهم لم يجدوا تطورًا أو تغيرا في الحياة اليومية إلا بقدر ضئيل، وبالتالي تؤثر عليهم الأفكار التي تبث بينهم السم في العسل والسبب ببساطة تقاعس الحكومات عن تطوير هذه المناطق بمثل ما تقوم به في العاصمة.
الجنوب الذي أعلن إقامة دولته نتمنى أن يكون آخر المنفصلين وأن تأخذ الحكومة السودانية مما حصل بالجنوب درسًا في التعامل مع المشكلات بمناطق أخرى، فكم من الخطب كنا نسمعها عن أن أبناء الجنوب سيقررون الوحدة في الوقت الذي كانت تشير فيه كل الأحداث والدلائل إلى الانفصال فهل كان أملا أم تغيبا عن الواقع؟.
ما نأمله الآن أن تتعامل الحكومة السودانية مع الأحداث بشكل عملي فالمطلوب أولا وثانيا وثالثا تطوير هذه المناطق، فليكن تطوير دارفور هدفًا استراتيجيًّا تضع له الحكومة برنامجا محدد المدة حتى تلتزم به، فالمنطقة فقيرة في كل شيء بدءًا من الطرق وليس انتهاء بالتعليم، حيث تفتقر للمدارس بشكل كبير وإقامة مشاريع تفتح أبواب العمل لأبنائها.
جنوب السودان اتجه الغرب له منذ عشرات السنين لفصله عن الشمال المتصل بالعروبة وجاء اكتشاف البترول والثروات المعدنية به ليعجل الانتهاء من انفصاله وها هو دارفور بدأت الأنظار تتجه إليه بعد اكتشاف ثروات بترولية به.
دارفور مساحته تماثل مساحة فرنسا حيث تبلغ مساحته خمسمائة وعشرة كيلو مترات وعدد سكانه ستة ملايين معظمهم حفظة للقرآن الكريم ويحتاجون جهدًا من العالم العربي أقل من الجهد الذي كان مطلوبا للجنوب، وكان من قبل إمارة مستقلة وهو ما يعطيهم الحنين إلى الماضي ولن يوقف هذا الشعور إلا العمل الجدي على الأرض بتغيير حياتهم إلى الأفضل وليست الخطب العصماء هنا وهناك، فالشعوب بعد أن اطلعت على الأمم الأخرى في عصر الاتصالات الحديثة لن تضللها خطب ولن تخدعها كلمات جوفاء.


موقف قطر وصبرها لأكثر من ثلاثين شهرا على المفاوضات التي توجت بالتوقيع على الاتفاقية بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، يمنحنا الأمل في أن تستمر قطر في مباشرة الأعمال القادمة بدارفور خصوصا أنها لا تدخر جهدًا في سبيل مصلحة السودان وشعبه وهذا يتطلب تضافر الجهود من قبل الحكومة وجميع الفصائل الدارفورية من أجل مصلحة الشعب واستقراره.




الاثنين، 11 يوليو 2011

وانفــصــــــــــل الجنــــــــوب نشرت بتاريخ 10-07-2011م


وانفصـــــــــل الجنــــــــــــوب

بقلم: ســامي زكـــــريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  
  Samy583@hotmail.com











في ظل اشتعال جذوة التغيير في مصر وملاحقة الشعب للمجلس العسكري والحكومة المؤقتة والضغط عليهما من أجل التسريع بتنفيذ مطالب الثورة والثوار، والقضاء على الفاسدين، فإنه كان هناك بالأمس حدث جَلل بجوار مصر نتج عن هشاشة الموقف المصري وضعفه خلال فترة مصر ماقبل ثورة 25 يناير وترك ملفات في غاية الخطورة مثل ملف جنوب السودان حتى وصلت إلى ماوصلت إليه.
بالأمس أعلِنَت دولة جنوب السودان رسمياً بناء على نتيجة الاستفتاء الذي أجري في التاسع من يناير الماضي بعد مرحلة من الصراعات والحروب دفع الشعب السوداني فيها الكثير من دماء أبنائه، ومع ضغوط أمريكية وأوروبية هائلة كانت نتيجتها موافقة الحكومة السودانية على حق تقرير المصير للشعب الجنوبي في استفتاء.
نتيجة الاستفتاء معروفة سلفا لأن الحديث والمطالبات بإقامة دولة الجنوب ليست وليدة السنوات الأخيرة ولكنها ممتدة منذ عشرات السنين وتقف وراءها جهات أجنبية عديدة، ولكن نكوص معظم الدول العربية عن أداء دورها في مراحل عديدة هو الذي أوصل الأحوال إلى هذه النقطة الفارقة.
ما أعتقده أن مصر لو كانت بقوتها السياسية المعهودة على مدار التاريخ ما تجرأ أحد على التفكير في وضع بند حق تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا التي أنهت الحرب بين الشمال والجنوب، ولكن القوة السياسية المصرية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك كانت في أدنى مراحلها، ولو لم يكن في الأمر حرج مع دولة الجنوب الوليدة لرفعت صوتي مطالبا بمحاكمة الرئيس المخلوع مع حكومته الفاسدة على انفصال جنوب السودان أيضا، مع المحاكمات الأخرى، لأن قوة السودان الموحد كان يجب أن تكون من أولوياته وليس توريث العرش لابنه جمال.
انفصل الجنوب، وأعلنت دولته رسميا أمس، وأول المعترفين به جمهورية السودان، وستعترف به دول العالم ومؤسساته وهيئاته بأسرع ما يمكن ليصبح الدولة 192 في الأمم المتحدة، وسيكون للدولة الوليدة صوت في القرارات الدولية، لذلك فإن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها يعد من أولويات الدول العربية لأنها ستصبح جارة لها تأثير كبير على الكثير من القضايا العربية، وهو ما استشعرته جامعة الدول العربية بإرسال وفد عالي المستوى لحضور احتفالات إعلان استقلال دولة الجنوب.

دولة الجنوب اختارت الانجليزية لغة ونهجا الأمر الذي كان متوقعا، وأبدت جامعة الدول العربية ترحيبها بانضمام الدولة الجديدة لها ولكن لم يصدر أي تصريح من أحد قادة الجنوب وهو مايعني ربما تحفظا على ذلك أو عدم استباق للأحداث قبل الإعلان رسميا عن قيام الدولة الجديدة.
شخصيا لا أتوقع هذا الانضمام في القريب العاجل أو البعيد - وأتمنى أن يخيب ظني- لأن جامعة الدول العربية بقدر ما أصدرت من تصريحات عن مشكلة جنوب السودان فإنها لم تتدخل بقوة سياسية أو اقتصادية لاحتواء الجنوب في الدولة الموحدة، ونتساءل أين ما قدمته حتى خلال فترة السنوات الست ماقبل الاستفتاء على الانفصال؟، وأين الدور المصري والعربي من مشكلات السودان عموما؟.
لا أرى غير التحرك القطري لاحتواء مشكلة دارفور ونجحت قطر فيه إلى حد بعيد بتوقيع اتفاقية سلمت للأمم المتحدة بعد كفاح وصبر امتد لسنوات في مفاوضات مضنية بين كافة الفصائل الدارفورية قادها الوزير النشط سعادة السيد عبد الله آل محمود.
السودان الآن وقد انفصل جزء منه يمثل ربع مساحته كان يرغب في ملامسة الوعود الأمريكية والأوروبية برفعه من اللائحة السوداء وإقامة علاقات طبيعية معه بعد أن وافق على بنود اتفاقية نيفاشا مع أخطر بند فيها وهو منح الشعب الجنوبي حق تقرير مصيره بين الاستقلال أو البقاء في السودان الموحد وكانت معروفة نتيجته سلفا ومع ذلك وبعد إعلان استقلال الجنوب أعلنت الولايات المتحدة أنها أسقطت عن دولة الجنوب العقوبات المفروضة على السودان، أي أنها لن ترفع العقوبات عن الشمال، وهي خطوة تؤكد أن استقلال الجنوب لن يؤدي بالتبعية إلى انفراجة أمريكية في العلاقات مع الخرطوم، ويعطي إشارة أن السودان مازال تحت المنظار الأمريكي غير الراغب في وجوده بمثل هذه المساحة حتى بعد انفصال الجنوب.
مقتل أحد الدعاة المسلمين بجنوب السودان (أمين المجلس الإسلامي) خلال الأيام الماضية والقبض على العديد من رموزهم بعد احتجاجهم على الحادث مع استمرار السياسة الأمريكية تجاه السودان على ماهي عليه دون تغيير يعطي إشارة أن الأيدي والعقول التي تعبث بالأمن القومي العربي مازالت تخطط لأحداث أخرى ولن يتوقف الأمر على جنوب السودان فقط، ولن يوقف هذا العبث بأمننا القومي إلا وحدة الصف وحكومات قوية تعرف وتقرأ هذه المخططات جيدا وتضع لها القواعد الراصدة لوأدها في مهدها قبل أن تستفحل وتصل إلى ما وصل إليه الجنوب.

http://www.raya.com/articles/rayaforum/Pages/2011-7-10-1070.aspx

الأحد، 3 يوليو 2011

مصر فوق الأهلي والزمالك نشرت بتاريخ 3-07-2011م



مصر فوق الأهلي والزمالك

بقلم: سامي زكـــــــريا
 كاتب صحفي وباحث مصري      Samy583@hotmail.com



التعليم والاقتصاد والصحة والطرق والمواصلات والإسكان والرياضة وجميع المصالح والخدمات ليست معزولة عن بعضها لأنها تمثل مجموعة النظم التي تشكل حياة الفرد والأمة بأكملها، وما وجدت البرلمانات ومجالس الشعب والأمة والوزارات إلا لخدمة هذه المصالح وتمهيدها للشعب.
كثيرا ماينادي المنادون ممن يتولون شؤون هذه المصالح والخدمات بفصل هذه الجهات عن بعضها البعض من أجل الاستئثار بأعمالهم التي يشغلونها، مع الادعاء بأنهم العارفون فقط والعالمون ببواطن الأمور في هذا العالم، فلا يقبلون نقاشًا ولا نقدًا فيما أوكل إليهم لأنهم "أبو العريف" كما يقولون.
هذا التفرد بالفكر أو المنصب أخاف أصحابه من كل شيء وانطبق هذا على كثير من أصحاب الوظائف فأصبح شعارهم لا أسمح لأحد أن يتدخل في عملي فاستلم المسؤولون الخيط ورفعوا شعار لاتتدخل في السياسة فالسياسة لها رجالها.
السياسة ليست منفصلة بأي حال من الأحوال عن أي مما ذكرت فالمواصلات والتعليم والصحة والطعام والمياه والرياضة كلها سياسة ومن يدعي غير ذلك مخطئ، وإذا كانت العلاقات الدولية لها رجالها القائمون عليها فإن السياسة تتغلغل في كل شؤون الحياة، ولم يطرح شعار لاتتدخل في السياسة إلا لتخويف الشعوب من الحديث في أي أمر قد يمس الكبار فقط لاغير.
الرياضة الآن لايستطيع أحد أن ينكر أنها أصبحت في بؤرة وعمق السياسة، فكثيرا ما كان يركز عليها إعلاميا من أجل إلهاء الشعوب بها عما سواها من أحداث، وفي أحيان أخرى قد تتسبب مباراة تقام بين دولتين في أزمة سياسية بينهما تصل لحد خطير كما حدث بين مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم الماضية المؤهلة للأدوار النهائية التي أقيمت بجنوب أفريقيا، ولو كانت هناك حدود مشتركة لوصلت الأمورلأبعد مما رأينا، وقد حدث ذلك من قبل بين هندوراس والسلفادور بعد مباراة بين البلدين تسببت في حرب عسكرية بينهما.
منذ أيام طلب اتحاد الكرة المصري تأجيل مباراة كرة قدم بين ناديي الأهلي والزمالك المصريين تخوفا من عدم سيطرة الأمن على الأمور، ولكن المجلس العسكري بحسه السياسي العالي رفض هذا التأجيل، الذي كان من شأنه إعطاء رسالة للعالم بعدم وجود أمن، وبالتالي سينعكس على السياحة بإلغاء الحجوزات التي بدأت تتعافى شيئًا ما، وقد يؤثر أيضا على البورصة والاقتصاد بوجه عام.
القرار الذكي المدروس من قبل المجلس العسكري بإقامة المباراة في موعدها المقرر كان ينبغي أن يتفهمه المسؤولون عن الفريقين ويرتقوا بالأداء بعيدًا عن النتيجة، ففي كل الأحوال هي مباراة في كرة القدم الهدف منها إمتاع المشاهدين بلمسات كروية مما يبرع فيه البرازيليون، ولكن هيهات بين العقول العربية وغيرها، فالعقول العربية مازالت متكلسة، والجيل الموجود والذي في يده زمام الأمور في الناديين وخصوصًا في نادي الزمالك لم يتغير، ولمَ لا فقد كان مدرب الزمالك الحالي من مؤيدي الرئيس السابق وزمرته الفاسدة وأشعل فتيل أحداث ومشاكل كثيرة لاتعد ولاتحصى بداية من الجزائر وليس انتهاء بالمباراة الأخيرة.
ماحدث من حسام حسن مدرب الزمالك في هذه المباراة كاد أن يتسبب في كارثة ، فالحكم كان هولنديا مشهودًا له بالكفاءة العالية، والأمن مع المؤسسة العسكرية سيطرا على الوضع بشكل حاسم، ولم يكن هناك أي مبرر لهذه الأحداث غير الضرورية، فالدوري ليس فوق مصر، فليأخذ الزمالك الدوري، أو يأخذه الأهلي سيان، أما إذا كان سيتسبب في مس مصر بأي أذى فالأولى أن يلغى لأن مصلحة مصر فوق الجميع.
ما استفزني أنه عند النقاش مع مدرب نادي الزمالك حسام حسن ومواجهته في أحد البرامج بأن أمن الوطن كان يجب أن يكون حاضرا لديه وهو الأهم كان الرد بقوله: أترك الحديث عن الوطن و..... لنتحدث عن المباراة.
ما يؤلمني حتى اللحظة هو عدم وجود الحس الوطني الذي قاد به شباب الثورة ثورتهم، ويبدو أن المستفيدين من الحكم السابق الفاسد مازالوا يحنّون إليه، ولذلك فإن موقف الحكومة الحالية مع المؤسسة العسكرية يجب أن يكون حاسمًا، فليذهب الدوري والكأس إلى الجحيم إذا تعارضا مع مصلحة مصر، ومن كان معارضا للتغيير أو مازال يعيش بعقلية ماقبل الثورة فبيته أولى به، ولا يجب أن يُفرض على مصر وشعب مصر ما بعد الثورة من هو ما زال يحن لمصر ما قبل الثورة، لأن مصر الآن بقدر حاجتها للحسم من المؤسسة العسكرية فإنها في حاجة إلى رجال وعقول وسلوكيات جديدة تقودها لبر الأمان.