الاثنين، 8 أغسطس 2011

محاكمة الرئيس نشرت بتاريخ 08-08-2011م


محاكمة الرئيس





بقلم: سامي زكريا
(كاتب من أسرة الراية) 

سيظل يوم الأربعاء الثالث من أغسطس من عام 2011م يوما تاريخيا بكل المقاييس، فلم نكن نتخيل أننا سنشاهد رئيسا سابقا ظل على عرش كرسي القيادة في بلده لأكثر من ثلاثين عاما سنشاهده في قفص الاتهام وينادى عليه باسمه المجرد من قبل رئيس المحكمة ويرد هو وبنفسه أفندم أنا موجود.

لحظة فارقة بكل المقاييس في تاريخ مصر بل والأمة العربية بأكملها فلم يكن أحد يصدق أنه سيشاهد هذا المنظر بعينيه فقد كان التشكيك في حدوثه كبيرا ما بين قائل أن ظهور الرئيس المخلوع بين يدي العدالة وعلى مرأى من العالم سيظل في يد المحامين الذين سيماطلون بتأجيل تلو آخر حتى تأتي منيته ويقابل ربه قبل أن يوضع في هذا القفص مثله مثل أي مواطن ارتكب جرما أو مخالفة ووجب التحقيق معه حتى يثبت براءته أو تثبت إدانته.
حسني مبارك ليس رجلا عاديا، فهو حَكَمَ مصر لعقود، ومصر ليست دولة عادية فهي ميزان الشرق الأوسط ورمانته، بقوتها تقوى المنطقة بأكملها، وضعفها يترك الأمور على أعنتها فتتدهور المنطقة وتأكل منها الذئاب القاصية من كل جانب، ورئيسها السابق للأسف أوصلها وأوصل المنطقة لمهانة وضعف لم تشهدهما المنطقة من قبل، فقد انكفأ على نفسه واهتم بأمور عائلية بحتة وترك الملفات القومية خارجية كانت أو داخلية تعبث بها الرياح، فتطايرت الملفات هنا وهناك، ولم يعد لها من رقيب أو مسؤول عنها، لأن الأم مصر تركتها فانفصل جنوب السودان وازداد الحصار على غزة وساءت العلاقات مع الكثير من الدول وأصبح الأمن المائي المصري مهددا من العمق والمصدر، وتداعت الأحوال الاقتصادية لمستويات لم تشهدها، وارتفعت نسبة البطالة، وبيعت أصول مصر بلا مقابل، بل ومخزونها أيضا من الغاز، وربما تكون هناك أصول أخرى كثيرة بيعت ولكن لم يكشف أمرها بعد العبث بأوراقها.

مصر فقدت الكثير في عهد مبارك ولولا ستر الله ورأفته بمصر لسارت الأمور للأسوأ ولكن جاءت الثورة لتعيد ترتيب الأوراق من جديد وليبني الشعب بلده ومستقبله على أسس جديدة ليس فيها حسني مبارك أو جمال مبارك أو حبيب العادلي الذي تجبر وطغى وقتل الكثيرين بدم بارد وجعل أمن الدولة سلطة قهر وتعذيب على الشعب المصري كله.

حسني مبارك وهو في القفص يحاكم مع معاونيه من أبنائه وزبانيته أعتقد أنها كانت من أصعب لحظات حياته، فقد كان من قبل الآمر الناهي الذي لم يدر بخلده لحظة أنه سيقف هذا الموقف أو يوضع في موضع الشبهة ولكنها إرادة الله الذي أراد الخير بمصر وشعب مصر بل والمنطقة كلها.

صبيحة 3-08-2011م سيسجلها التاريخ بأحرف ذهبية حيث توقفت الحركة في مصر بل والكثير من الدول العربية ودول العالم لرؤية رئيس كيف أصبح في وضع مهين، غير مصدقين أعينهم أنه الرئيس الذي كانت تصفق له الأيادي منذ عدة أشهر، وكان الكثيرون يتمنون رؤيته أو السلام عليه فإذا به يصبح بين جدران مغلقة ولو كانت مكيفة والتي طالما وُضع فيها الكثيرون بلا جريرة سوى أنهم يصدحون مطالبين بحقوقهم في حياة كريمة.

محاكمة الرئيس بقدر ما فيها من رموز ودلائل ستظل ماثلة في عقول الكثيرين وأعتبر أن العظة والعبرة فيها للقادمين بعده هي الأكبر والمبتغى فقد مرت مرحلة والمرحلة القادمة هي المعقود عليها الأمل في عودة مصر للقيادة التي تبتغيها معظم الدول، فمصر مكانتها في عل، والرئيس القادم مع حكومته رأى بعينيه محاكمة رئيس سابق فلا أعتقد أنه سيجرؤ بعد ذلك على ارتكاب مخالفات بمثل هذه الجرأة التي ارتكب بها حسني مبارك مخالفاته وإلا فإن القفص موجود والقضاة الشرفاء موجودون والشعب الذي هب وانتفض لا أعتقد أنه سيستكين مرة ثانية.

هنيئا لمصر الدرس الجديد بعد ثورتها المباركة التي ستظل بكل المقاييس علامة فارقة في تاريخ المنطقة بأكملها، والقادم إن شاء الله سيكون لبنة جديدة في بناء مصر الجديدة على أسس من العدالة واحترام حقوق الإنسان.
Samy583@hotmail.com 



http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=586253&version=1&template_id=24&parent_id=23

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

يمهل ولا يهمل
حسبي الله والنعم الوكيل