الأحد، 28 أغسطس 2011

واختبأ القذافي في الزنجة نشرت بتاريخ 28-08-2011


واختبأ القذافي في الزنجة
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  


أراد القذافي سوءًا بشعبه فهددهم أنه لن يترك بيتًا أو زنجة إلا وسيطهرها من الثوار الذين أطلق عليهم تسميات يعف اللسان عن ذكرها فوقع هو في الفخ وأصبح مطاردًا ويبحث عنه الثوار في كل بيت أو زنجة.
 هكذا شاءت الأقدار أن ينقلب السحر على الساحر وينكشف لنا قدر بعض الزعماء العرب الذين منحوا أنفسهم هالة إعلامية تخفي الحقيقة المرة التي لاتعرفها الشعوب. العقيد معمر القذافي ظل لغزًا محيرًا طيلة فترة حكمه فهو عميد الزعماء العرب، هكذا كان يصف نفسه في بعض القمم العربية التي لم تكد تمر إحداها إلا ويترك بصمته فيها بالمغادرة أو التعليق غير الطبيعي وكأنه يريد أن تتوجه إليه الأنظار فلا يهمه نجاحًا للقمة أو فشلا فكله سيان عنده ما دامت الكاميرات ستصوب عليه ووسائل الإعلام ستكتب عنه.
العقيد القذافي أراد أن يصبح زعيمًا للزعماء العرب ففشل، فاتجه للدول الأفريقية علها توافق أن يكون زعيمًا عليها فلم ينجح أيضًا سوى في تغيير مسمى منظمة الوحدة الأفريقية التي تأسست عام 1963 لتصبح الاتحاد الأفريقي في عام 2002، ولم يمل البحث عن الزعامة بأي ثمن حتى نصبته بعض القبائل الأفريقية بعد أن أغدق عليها من أموال الشعب الليبي لتوافق على تنصيبه ملكًا عليها وليضع ضمن قائمة تسمياته ملك ملوك أفريقيا.
المتابع لتاريخ العقيد القذافي يكاد يضحك أو يبكي سيان لأنه سيجد شخصية متناقضة في كل شيء قد يدعو إلى شيء ويفعل عكسه تمامًا ولنا أن نتذكر طرده الجالية الفلسطينية من ليبيا وتركها في وضع بائس على الحدود في الوقت الذي كان يطالب فيه بحقوق الفلسطينيين، وقيامه بالدفاع عن صدام حسين في الوقت الذي ارتعد وارتعب بعد دخول القوات الدولية العراق والإمساك بصدام حسين وإعلانه في خطوة غير طبيعية بالمرة تسليم المفاعل الذري الذي تم تجميع أجزائه في ليبيا على مدى سنوات بل وإيصاله بكل مكوناته للولايات المتحدة الأمريكية التي فوجئت بخطوته، حتى تعفو عنه ولا تفكر في الإيقاع به كما فعلت مع صدام، ليأتي بعد ذلك في مؤتمر القمة العربي متحدثًا ومعاتبًا العرب على سكوتهم عن ما يحدث لصدام والعراق في مفارقة غير طبيعية، والأغرب من ذلك أنه سلم الولايات المتحدة الامريكية قائمة بالعلماء الذين شاركوا في مشروع المفاعل الذري الليبي ففتح باب جهنم على الكثير من العلماء الذين ساعدوه، وكان على رأس القائمة أبو القنبلة الباكستانية العالم النووي الشهير عبد القدير خان الذي أصبح مطاردًا بعد ذلك وسُجن وضُيق الخناقُ عليه بسبب قيام القذافي بإفشاء أسرار البرنامج النووي الليبي بلا أدنى مسؤولية أو حرص على من ساعدوه في البرنامج النووي الليبي.. وكل هذا كان خوفًا من القوات الأمريكية وحتى يتحاشى أن يؤول لمصير صدام حسين.
القذافي قدم كل المطلوب لأمريكا حتى تعفو عنه وتتركه وشأنه بعد دفع الثمن، ولكن الأقدار كانت له بالمرصاد، ليأتيه الرد من مأمن، من شعب أراد أن يستنشق عبير الحرية حتى لو دفع الثمن دماءً ودمارًا، فقد توعد القذافي الثوار أنه لن يستسلم بل سيحول ليبيا إلى جحيم، وسيبحث عن هؤلاء الباحثين عن الديمقراطية "زنجة زنجة ودار دار"، ونفذ ما توعد به شعبه، فدمّر المدن والقرى بسلاح ثقيل وأعوان ومرتزقة اشتراهم بماله، فقتل عشرات الآلاف حتى أراد الله أن يذوق هو العذاب ويهرب مثل الجرذ بمثل ما وصف به شعبه أنهم جرذان ويتعاطون المخدرات، فهل من عاقل يتهم شعبه بمثل هذه الصفات؟!!، إنه لشيء محزن أن يكون الرئيس الذي حكم أكثر من أربعين عامًا بهذه الأخلاق التي لا يستطيع الإنسان وصفها، فما صدر منه ينبئ عن ألفاظه الطبيعية وصفاته الحقة التي داراها وأخفاها عن طريق الإعلام الموجه الذي للأسف الشديد يكون في خدمة السيد.

المأمول أن تسود الديمقراطية الأراضي الليبية فهي ليست بأقل من دول أوروبا التي يُعرف فيها أي مسؤول قبل توليه ويُعصر في مناظرات هنا وهناك فينكشف أمره فيستبعد إن كان طالحًا أو يرتقي إن كان صالحًا.
فهنيئا لليبيا وشعب ليبيا الخلاص من دكتاتور أراد بليبيا أن تظل بعيدة عن التطور الذي يشهده العالم في ظل ثروات ليبية كانت كفيلة بنقل ليبيا نقلة هائلة، ولكن المؤكد أن الشعب الليبي سيبدأ في بناء دولته على أسس جديدة تحترم حقوق الإنسان مع إقامة مؤسسات وبنية جديدة تتواكب مع تطور العصر.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=589543&version=1&template_id=24&parent_id=23

الأحد، 21 أغسطس 2011

سيناء ساحة استراتيجية نشرت بتاريخ 21-08-2011م


سيناء ساحة استراتيجية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  
  Samy583@hotmail.com




بقلم/ سامي زكريا:
 اتجهت الأبصار خلال الأيام الماضية صوب جزء من مصر يمثل بوابة الارتباط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وساحة استراتيجية مصرية في غاية الأهمية لارتباطه دائما بالحروب والأطماع الخارجية فيه التي لم تنته حتى بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وبموجبها عادت بقية سيناء إلى مصر بشروط منها تحديد حجم القوة العسكرية المرابطة فيها.
تحديد عدد القوات المصرية المرابطة بسيناء بناء على الاتفاقية المبرمة بين البلدين نادت مصر كثيرا وعبر سنوات بوجوب تغيير بعض بنود هذه الاتفاقية نظرا لتطورات أمنية تُلزِم الجانب المصري بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى بعض المناطق للسيطرة عليها، ولكن كانت هذه المطالبات تلقى رفضا إسرائيليا دائما، نظرا لخشيتها الدائمة من الجيش المصري، ويقينها أنه الجيش الأقوى في المنطقة والوحيد الذي يمكنه مجابهة القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة بالأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة والغرب عموما، ولذلك تتحاشى حتى مجرد وجود قوات عسكرية مصرية في الجوار ولو لدواع أمنية بحتة.
سيناء هذا الجزء الاستراتيجي في الجغرافيا المصرية مساحته تبلغ مايقرب من 61 ألف كم مربع أي حوالي سدس مساحة جمهورية مصر العربية وبالرغم من ذلك فإن عدد سكانها لا يتعدى المئات من الآلاف ولا يصل حتى إلى 500 ألف في دولة تعدى عدد سكانها الـ 86 مليونا.
هناك فجوة كبيرة بكل المقاييس بين نسبة عدد السكان والمساحة في سيناء تنبه لها العديد من السياسيين وكان منهم الرئيس الراحل أنور السادات والذي تمنى فيما روي من بعض المقربين منه أن يدفن فيها بعد وفاته أي أنه تنبه لأهمية دعمها بكل السبل.
بَصُر هذا الأمر أيضا رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري ووضع خططا لتعمير سيناء وجذب السكان للإقامة فيها، وكان من عوامل الجذب منح الموظف في سيناء ضعف ما يتقاضاه في أي مدينة أخرى مع منحه السكن المناسب بأسعار رمزية وتيسير تحويل أبنائه للمدارس، ما جعل العمل في سيناء قبلة للكثيرين، وبدأت تنمو المعاملات بمدنها مع إنشاء المشاريع وإقامة مدن جديدة بمرافقها المختلفة، ولكن فجأة لم يرض الرئيس المخلوع حسني مبارك عن إنجازات الجنزوري والاتجاه التنموي الذي انتهجه، ولم يكن الجنزوري متحركا في سيناء فحسب بل كانت إنجازاته في مصر كلها فجاءت إقالته التي مثلت صدمة للمصريين وقتها لأنه لم تكن عليه شائبة وكان يعمل من أجل مصر بكل إخلاص، ليأتي بعده أفسد رؤساء الوزراء في مصر عاطف عبيد الذي مثل انتكاسة كبرى نظرا لحجم الفساد الذي استشرى في عهده وبيع شركات ومصانع لرجال أعمال بلا مقابل فِعليّ فانهار الاقتصاد في عهده وتوقفت كل مميزات التنمية في سيناء، ولم يعد أحد يسمع بعد رحيل الجنزوري عن سدة رئاسة الوزراء أي شيء عن سيناء إلا الأخبار السيئة.
سيناء بقعة مهمة جدا بمصر بل وللعالم العربي بأكمله, فهي نقطة الوصل بين آسيا وأفريقيا, وبها العديد من المعادن التي استغلتها الحكومات الإسرائيلية فترة احتلالها, وقامت بسرقة كنوزها المعدنية بل والأثرية، ففيها المنجنيز والفحم الحجري الذي كان من أوائل من اكتشفوه الدكتور مصطفى الفار مدير متحف قطر الوطني السابق، وبها اليورانيوم والعديد من المعادن التي يمكن إقامة صناعات عليها.
الحكومة العسكرية الحالية تنبهت لوجود خلايا لمنظمات تحاول العبث بأمن مصر من خلال استغلال عدم الوجود العسكري الكافي في سيناء، لذلك أرسلت قوات لتمشيط المنطقة بحثا عن الأسلحة وتأمينا لعدم حدوث قلاقل فيها، ولتقضي على هذه التشويشات من بعض التقارير التي تشير إلى عدم تحكم القوات المصرية في سيناء ولتغلق هذا الملف نهائيا، مع أملنا باستمرار وجود الجيش المصري في سيناء وبالعدد الذي تقرره مصر وليس بناء على اتفاقيات تتحكم في وجود أبنائها على أرضهم، فسيناء مهمة لمصر بقدر أهمية القاهرة والشرقية والاسكندرية وغيرها من المحافظات المصرية، ولذلك يجب أن تعود إليها التنمية في شتى المجالات لأنها تمثل حائط الصد الأول ضد أي عدوان، وقلة عدد السكان بها يغري الآخرين فيها وهو ما لا تفريط فيه لأنها جزء لايتجزأ من مصر ومن تراب مصر وقد ذكرت سيناء في القرآن كما ذكرت مصر فهي بقعة مباركة في بلد طيب مبارك.

الأحد، 14 أغسطس 2011

الصومال والجوع نشرت بتاريخ 14-08-2011م

الصومال والجوع



بقلم: سامي زكريا
 كاتب وباحث  مصري  
  Samy583@hotmail.com


  مكافحة الجوع تعد من أصعب المواجهات التي قد تواجه العالم في الحاضر والمستقبل، وعلى حكومات العديد من الدول الاستعداد لهذه المواجهة لأن الجفاف والجوع يضربان بين الفينة والأخرى بقعة من بقاع العالم فما أقسى أن تجد إنسانا لايجد قوت يومه أو يسد رمقه، ولذلك اعتبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من كان عنده قوت يومه كأنه حيزت له الدنيا.

هذه الدنيا التي يتكالب عليها الجميع ما بين جامع لثروات فيها من حلال وآخر طامع للخلود فيها جامعا ثرواته من حرام ثم يتركها لامحالة عاجلا أم آجلا، كل هذه الدنيا لا يحتاج فيها الإنسان إلا لكسرة خبز تسد جوعه، وشربة ماء تروي ظمأه، وطمأنينة من غدر أو خيانة، وحرية يدلي من خلالها برأيه.

هذا الإنسان الذي يتجبر على الأرض ويظن أنه مالكها إذا شح عنه الطعام والشراب يصبح هيكلا عظميا، وما خلق الله إنسانا أو كائنا حيا إلا وجعل له رزقا معلوما ولكن الفساد الكوني هو الذي يتسبب في كوارث هنا وهنا.

الصومال بلد إفريقي غني بموارده الطبيعية الوفيرة فهو يطل على خليج عدن والمحيط الهندي ولو كانت هناك حكومة قوية مسيطرة فعليا على مقدرات البلاد وحدوده لما وصلت الحال إلى هذه المجاعة المؤلمة.

الصومال منذ سقوط محمد سياد بري في عام 1991 والذي كان يعتبر في عصره دكتاتورا، تفاءل الصوماليون خيرا بعد سقوطه ومنوا النفس بعهود جديدة من الرخاء والرفاهية في ظل دولة جديدة على أسس من الديمقراطية فإذا بهم يجدون دولتهم في مهب الريح في تصارع محموم بين جنرالات الحرب لم يتوقف، فطمعت أثيوبيا في الحدود، وانعزلت هرجيسيا وأعلنت إقامة جمهورية أرض الصومال التي لم يعترف بها أحد، وظلت الصراعات قائمة بين الجنرالات للسيطرة على منطقة هنا وأخرى هناك، وبفعل تدخلات خارجية لتحقيق أهداف خاصة.

الصومال الدولة، والصومال الشعب، يدفعان الثمن الغالي فأبناء الصومال تشتت الملايين منهم في بقاع الأرض ولم تخل من وجودهم دولة ما بين كندا وأمريكا حتى اليمن التي لجأ إليها الكثيرون أيضا عبر قوارب بدائية كان الموت للعديدين منهم أقرب إليهم من وصولهم للشاطئ طالبين فقط الأمن والأمان!.
الجوع الذي يضرب الصومال بقسوة بعد موجة جفاف عاتية ليس الأول ولن يكون الأخير إلا إذا توجهت الأمة العربية بكل قوتها إلى هناك بعد إيقاف آلة الحرب القاسية المدمرة التي تجتث الأخضر واليابس في ربوع الصومال، فلن تقوم للصومال قائمة مادامت حرب الكر والفر مستمرة بين أبناء الشعب الواحد وهذه نقطة أولية يتحملها أبناء الصومال.

النقطة الثانية هي دور المنظمات الإنسانية العربية أولا قبل العالمية في الحركة السريعة بإقامة جسر جوي لإيصال المساعدات العاجلة من أدوية لمعالجة المرضى نتيجة سوء التغذية وتقديم الغذاء الصحي والمياه وحفر آبار في مناطق مختلفة لسد حاجة هذه المناطق من المياه ثم إقامة مشروعات دائمة لأهالي هذه المناطق.

الجوع الذي يضرب بأطنابه الكثير من مناطق العالم تقابله وفرة في العديد من المناطق أيضا تصل إلى تخلص بعض الدول الكبرى من الكثير من إنتاجها من الحبوب وغيرها حتى تحافظ على الأسعار المرتفعة التي تعودت على البيع بها.

إن وجود مجاعة في جزء من العالم لا يعفي الدول الغنية من مسؤولياتها حتى ولو كانت في هذه المناطق المتضررة حروب وصراعات لأن الكثير من خيوط هذه الصراعات ما زالت في يد قوى خارجية تعبث بمقدرات هذه الدول الضعيفة التي لم تتعلم الدرس بعد رغم مرور عشرات السنين وسقوط مئات الآلاف من مواطنيها قتلى أو جرحى ورغم ذلك يظل الوثوب إلى السلطة هدفا للعديدين ولو على جمائم أبناء الوطن أو إفناء مقدراتها كاملة وما يحدث في ليبيا وسوريا خير دليل على ذلك ويؤكد ما يحدث بالصومال منذ أكثر من عشرين عاما.

"لو كان الجوع رجلا لقتلته" قالها علي رضي الله عنه فما أقسى أن ينام إنسان على وجه الأرض ولا يجد مايسد رمقه وفي بقعة أخرى تلقى الأطعمة في البحار حتى لاتنخفض أسعارها أو في النفايات بعد موائد عامرة لايؤكل منها سوى القليل وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء بقوله "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره إلى جواره جائع" والجوار يشمل الدول أيضا.


http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=587345&version=1&template_id=24&parent_id=23

الاثنين، 8 أغسطس 2011

محاكمة الرئيس نشرت بتاريخ 08-08-2011م


محاكمة الرئيس





بقلم: سامي زكريا
(كاتب من أسرة الراية) 

سيظل يوم الأربعاء الثالث من أغسطس من عام 2011م يوما تاريخيا بكل المقاييس، فلم نكن نتخيل أننا سنشاهد رئيسا سابقا ظل على عرش كرسي القيادة في بلده لأكثر من ثلاثين عاما سنشاهده في قفص الاتهام وينادى عليه باسمه المجرد من قبل رئيس المحكمة ويرد هو وبنفسه أفندم أنا موجود.

لحظة فارقة بكل المقاييس في تاريخ مصر بل والأمة العربية بأكملها فلم يكن أحد يصدق أنه سيشاهد هذا المنظر بعينيه فقد كان التشكيك في حدوثه كبيرا ما بين قائل أن ظهور الرئيس المخلوع بين يدي العدالة وعلى مرأى من العالم سيظل في يد المحامين الذين سيماطلون بتأجيل تلو آخر حتى تأتي منيته ويقابل ربه قبل أن يوضع في هذا القفص مثله مثل أي مواطن ارتكب جرما أو مخالفة ووجب التحقيق معه حتى يثبت براءته أو تثبت إدانته.
حسني مبارك ليس رجلا عاديا، فهو حَكَمَ مصر لعقود، ومصر ليست دولة عادية فهي ميزان الشرق الأوسط ورمانته، بقوتها تقوى المنطقة بأكملها، وضعفها يترك الأمور على أعنتها فتتدهور المنطقة وتأكل منها الذئاب القاصية من كل جانب، ورئيسها السابق للأسف أوصلها وأوصل المنطقة لمهانة وضعف لم تشهدهما المنطقة من قبل، فقد انكفأ على نفسه واهتم بأمور عائلية بحتة وترك الملفات القومية خارجية كانت أو داخلية تعبث بها الرياح، فتطايرت الملفات هنا وهناك، ولم يعد لها من رقيب أو مسؤول عنها، لأن الأم مصر تركتها فانفصل جنوب السودان وازداد الحصار على غزة وساءت العلاقات مع الكثير من الدول وأصبح الأمن المائي المصري مهددا من العمق والمصدر، وتداعت الأحوال الاقتصادية لمستويات لم تشهدها، وارتفعت نسبة البطالة، وبيعت أصول مصر بلا مقابل، بل ومخزونها أيضا من الغاز، وربما تكون هناك أصول أخرى كثيرة بيعت ولكن لم يكشف أمرها بعد العبث بأوراقها.

مصر فقدت الكثير في عهد مبارك ولولا ستر الله ورأفته بمصر لسارت الأمور للأسوأ ولكن جاءت الثورة لتعيد ترتيب الأوراق من جديد وليبني الشعب بلده ومستقبله على أسس جديدة ليس فيها حسني مبارك أو جمال مبارك أو حبيب العادلي الذي تجبر وطغى وقتل الكثيرين بدم بارد وجعل أمن الدولة سلطة قهر وتعذيب على الشعب المصري كله.

حسني مبارك وهو في القفص يحاكم مع معاونيه من أبنائه وزبانيته أعتقد أنها كانت من أصعب لحظات حياته، فقد كان من قبل الآمر الناهي الذي لم يدر بخلده لحظة أنه سيقف هذا الموقف أو يوضع في موضع الشبهة ولكنها إرادة الله الذي أراد الخير بمصر وشعب مصر بل والمنطقة كلها.

صبيحة 3-08-2011م سيسجلها التاريخ بأحرف ذهبية حيث توقفت الحركة في مصر بل والكثير من الدول العربية ودول العالم لرؤية رئيس كيف أصبح في وضع مهين، غير مصدقين أعينهم أنه الرئيس الذي كانت تصفق له الأيادي منذ عدة أشهر، وكان الكثيرون يتمنون رؤيته أو السلام عليه فإذا به يصبح بين جدران مغلقة ولو كانت مكيفة والتي طالما وُضع فيها الكثيرون بلا جريرة سوى أنهم يصدحون مطالبين بحقوقهم في حياة كريمة.

محاكمة الرئيس بقدر ما فيها من رموز ودلائل ستظل ماثلة في عقول الكثيرين وأعتبر أن العظة والعبرة فيها للقادمين بعده هي الأكبر والمبتغى فقد مرت مرحلة والمرحلة القادمة هي المعقود عليها الأمل في عودة مصر للقيادة التي تبتغيها معظم الدول، فمصر مكانتها في عل، والرئيس القادم مع حكومته رأى بعينيه محاكمة رئيس سابق فلا أعتقد أنه سيجرؤ بعد ذلك على ارتكاب مخالفات بمثل هذه الجرأة التي ارتكب بها حسني مبارك مخالفاته وإلا فإن القفص موجود والقضاة الشرفاء موجودون والشعب الذي هب وانتفض لا أعتقد أنه سيستكين مرة ثانية.

هنيئا لمصر الدرس الجديد بعد ثورتها المباركة التي ستظل بكل المقاييس علامة فارقة في تاريخ المنطقة بأكملها، والقادم إن شاء الله سيكون لبنة جديدة في بناء مصر الجديدة على أسس من العدالة واحترام حقوق الإنسان.
Samy583@hotmail.com 



http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=586253&version=1&template_id=24&parent_id=23

الاثنين، 1 أغسطس 2011

رمضان مختلف نشرت بتاريخ 1رمضان 1432هـ- 1-8-2011م


رمضان مختلف
بقلم: سامي زكريا
 كاتب من أسرة الراية  
  Samy583@hotmail.com

جاء رمضان بكل عبقه وروحانياته، ومرت سنة من أعمارنا ليأتي رمضان مختلفًا هذا العام فرمضان هو رمضان ولكن الاختلاف في الأحداث التي سبقته وما زالت متواصلة فيه وربما تستمر بعد رحيله أيضًا.

يأتي رمضان هذا العام وقد انزاحت عن كاهل الملايين الأحاديث التي كانت متداولة في وسائل الإعلام العربية بل والعالمية ومنقسمة بين مؤيد لتوريث الحكم في مصر ومعارض لهذا التوريث الذي امتد ليشمل العديد من الدول العربية، ليأتي رمضان في العام الجديد وشعب مصر يحرك الأحداث إلى مايرنو إليه من حكم يكون من اختياره وعدالة اجتماعية منشودة وتتوقف نغمة التوريث في كل الدول التي كانت تتأهب لهذا الفعل.

يأتي رمضان وشعب تونس يؤسس لدولة ديمقراطية ويثور على الظلمة ويحاكمهم ويطارد الهاربين منهم.
أتى رمضان وكل الآمال العربية منصبة على نهاية المأساة التي تعيشها شعوب كل من ليبيا التي قتل منها الآلاف على يد حاكمها وما زال متمسكًا بالحكم حتى ولو وصل الأمر إلى نهاية الشعب ليكون حاكما على نفسه، وسوريا التي يضحي أبناؤها بدمائهم يوميًّا متصدين بصدورهم لرصاص الأمن الذي يحمي النظام وليس الشعب، واليمن التي يدفع شعبها الكثير كل يوم من أجل الوصول إلى بداية طريق الحرية والديمقراطية المنشودة.

الشعوب العربية يأتي رمضان هذا العام وهي مختلفة بكل تأكيد فقد ارتفع صوتها صادحا بالحق في العيش بحرية وكرامة فالدماء تسيل وما يردعها ذلك عن المطالبة بحقوقها فقد وصل الأمر لمنتهاه فالموت أشرف من الحياة في ظل استبداد وطغيان وعبودية مقنعة يمارسها من جاؤوا بزعم قيادة الشعب لحياة كريمة.

رمضان هذا الشهر الكريم الذي اختصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن فجعل فيه ليلة خير من ألف شهر في ثوابها والعبرة هنا بالتقوى حيث يقول سبحانه "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وهنا يجب أن نقف جميعا أمام "لعلكم تتقون"، فالصيام ليس توقفًا عن الطعام والشراب فحسب بل يجب أن يكون تدريبا فعليا على نشأة إنسان جديد مختلف تماما عما كان عليه، فكثيرًا ما تمادى حكام دول عربية وشرق أوسطية في غيهم وقسوتهم حتى وصلت الأمور ببعض الشعوب إلى المطالبة ببقاء السلطان والحاكم مدى حياته بل تنادى البعض للأسف الشديد في مشاهد شاهدها العالم بأن حكمه لبلده "سوريا" لايكفي بل إنه يجب أن يحكم العالم أجمع في نفاق فظ وممجوج وآخرون يحصلون على منافع خاصة ولو كانت على حساب بقية الشعب هكذا تسير القافلة في العديد من الدول، لذلك فإن رمضان هذا العام يجب أن يكون انطلاقة جديدة لكل من يعيش على الأرض الإسلامية، فالمسلم يجب عليه أن يغير حياته لتكون وفق منهج الله فالتقوى يجب أن تكون سلوكا له في حياته فلا يظلم نفسا بشرية إن كان مسؤولا في شركة أو مصنع أو إدارة ولا يظلم زوجا أو ابنا أو ابنة وأن يكون رحيما في تعاملاته مع الآخرين ومن كان غير مسلم يعيش على ثرى الديار الاسلامية فعليه أن يتبع تعاليم دينه في حسن الأخلاق فلا للرشوة ولا لتأليه المسؤولين فهم موظفون مثل كل موظف وعليهم أن يؤدوا دورهم في خدمة المتعاملين معهم وهذه مسؤولية الجميع فالأوطان لاتنطلق إلا بجهود أبنائها فإذا استقاموا استقامت الديار ونمت وإذا تخاذلوا سقط الجميع لأنهم في سفينة واحدة في نهاية الأمر.

رمضان هذا العام يجب أن يكون منعطفا جديدا لشعوب الأمة الاسلامية بالتوافق بينهم على ما يجمعهم ولا يشتتهم فكل انطلاقة تنعكس على الشعوب بالخير وكل انتكاسة يرتد أثرها على الجميع. 


رمضان المختلف الذي نصبوا إليه جميعًا هو أعمال الأمة الإسلامية التي يجب أن تكون على قدر هذه الأمة وعلى قدر التحديات التي تواجهها وأملنا كبير أن ينتهي سيل الدماء الدافق في شتى البقاع ليعود الجميع للتحدي الأكبر وهو تحدي البناء من أجل أمة قوية الجانب.

كل عام وأنتم بخير

 Samy583@hotmail.com
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=585071&version=1&template_id=24&parent_id=23