الأحد، 11 سبتمبر 2011

تركيا ودورها الإقليمي نشرت بتاريخ 11-09-2011م

تركيا ودورها الإقليمي 
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري


     
تركيا بموقعها المتميز تظل بؤرة اهتمام أوروبي حتى ولو تمنعت أوروبا عن قبولها عضوا في منظومتها، فتركيا دولة تقع على حدود أوروبا وآسيا وتطل أيضا على البحر المتوسط الذي يشكل وصلا مابين أفريقيا وآسيا وأوروبا.

المواقف التركية تبدلت وأصبحت أكثر قوة من قضايا المنطقة بعد وصول حزب الحرية والعدالة لسدة الحكم فأصبحت أكثر التصاقا من المطالبات العربية ويظل موقف رجب طيب أردوغان وانسحابه من مؤتمر دافوس العالمي لعدم ترك مساحة وقتية له للرد على المزاعم الإسرائيلية في اعتدائها على غزة يظل هذا الانسحاب نقطة فارقة في التاريخ التركي وتاريخ رجب طيب أردوغان حيث استقبل استقبال الأبطال في تركيا لدى عودته وتركت مقاطعته للمؤتمر شعورا عربيا إسلاميا بعودة تركيا لتبوّؤ دورها في الشرق الأوسط.

تركيا دولة عضو في المنظومة العسكرية الأوروبية وظلت على امتداد سنوات تنتظر منحها العضوية الأوروبية الكاملة التي منحت للعديد من الدول المستقلة، ولكن ظل الرفض الأوروبي قائما بالنسبة لتركيا نظرا لأنها دولة إسلامية ودول الاتحاد الأوروبي مسيحية، وبالطبع لايعلن الرفض من هذه الزاوية حتى لاتتهم بما تنادي به من وجوب احترام حقوق الإنسان وغيرها من القوانين الموضوعة للأوروبي دون سواه ولكن تخرج مبررات أخرى مثل عدم الوصول بالاقتصاد لما يؤهلها للانضمام أو عدم احترام حقوق الإنسان وما إلى ذلك من المبررات التي لاتنتهي لإيقاف انضمام تركيا للمنظومة الاوروبية.

القيادة التركية في عهد رجب طيب أردوغان وجدت أن الأصوب لتركيا العودة لدورها الإقليمي الرئيسي والالتصاق بقضايا الشرق الأوسط وخصوصا الدفاع عن القضية الفلسطينية وهو مطلب شعبي تركي ويعيد لتركيا زخمها ومكانتها اللائقة بين الشعوب الإسلامية وفي الوقت نفسه تكون الرسالة لأوروبا أن عدم قبول تركيا في منظومتهم لن يكون بالتأثير الذي تتوقعه أوروبا لأن الدور التركي في القضايا الإقليمية سيجبر أوروبا على التعامل معها بنطاق مختلف وفيه قدر كبير من الاحترام.

العلاقات الإسرائيلية التركية كانت دائما مميزة، قواعد عسكرية وتدريبات مشتركة وتنسيقات دائمة ليس لها مثيل مع دول أخرى، ولذلك جاء التوجه التركي بالاقتراب من القضايا العربية وخصوصا قضية فلسطين بمثابة زلزال للجانب الإسرائيلي فكان الرد الإسرائيلي بالتعامل القاسي مع السفير التركي السابق لديها بمحاولة إهانته وإجلاسه على مقعد أقصر من مقعد محاوريه الإسرائيليين وهو ما شكل بؤرة انتقاد تركي عنيف على هذا الموقف لتأتي موقعة محاولة فك الحصار الجائر على غزة وهجوم البحرية الاسرائيلية على السفن التي تحمل مواد غذائية للفلسطينيين المحاصرين ما تسبب في مقتل تسعة من الاتراك لتصل العلاقات ببن البلدين لمرحلة من الفتور غير مسبوقة.

العجيب في الأمر أن القيادة الإسرائيلية في الوقت الذي تقول فيه إنها لن تكون عدوا لتركيا وأنها حريصة على عودة العلاقات لسابق عهدها فإنها في الوقت نفسه ترفض الاعتذار عما جنته يداها في مقتل الاتراك التسعة ربما خوفا من ملاحقات قضائية بعد ذلك وربما بسبب العنت الاسرائيلي الدائم وتبرير أي عمل عدواني لها بمبررات واهية ومنها الدفاع عن النفس حتى ولو كان الآخر غير مسلح ولم يرتكب شيئا ضدها.

تظل الحماية الدولية للدولة العبرية من العقاب تمنحها شعورا بالفوقية فوق دول العالم ولذلك فإن التقرير الذي صدر عن لجنة بالمر التي عينتها الامم المتحدة كان منحازا تماما لإسرائيل ولذلك لم يستطع أحد الدفاع عن التقرير سوى إسرائيل التي هللت له ما أثار السخط التركي مع تجديد انتظار اعتذار إسرائيلي على ماحدث.

عودة تركيا لدورها الإقليمي في المنطقة والحديث عن توقيع اتفاقيات عسكرية مع مصر سيعطي ثقلا كبيرا للمنطقة وقضاياها ولذلك فإن إسرائيل مستاءة من هذا الدور وما جاء التصريح الأخير بأن البحرية الإسرائيلية في أتم قوتها سوى رد فعل لإعلان تركيا زيادة وجودها العسكري البحري في البحر المتوسط.

القيادة التركية بتحركها الإقليمي مع وجود قيادات واعية في المنطقة سيمثل حلقة جديدة من حلقات الضغط من أجل الوصول لحل القضايا العربية وفي الوقت نفسه رسالة لأوروبا أن لتركيا دورا ستقوم به ربما يكون أجدى من استعطاف أوروبا للقبول بعضويتها الكاملة التي قبلتها فقط في المنظومة العسكرية لفائدة أوروبا أما المنظومة المدنية فما زال الرفض قائما.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=591531&version=1&template_id=24&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: