الأحد، 14 أغسطس 2011

الصومال والجوع نشرت بتاريخ 14-08-2011م

الصومال والجوع



بقلم: سامي زكريا
 كاتب وباحث  مصري  
  Samy583@hotmail.com


  مكافحة الجوع تعد من أصعب المواجهات التي قد تواجه العالم في الحاضر والمستقبل، وعلى حكومات العديد من الدول الاستعداد لهذه المواجهة لأن الجفاف والجوع يضربان بين الفينة والأخرى بقعة من بقاع العالم فما أقسى أن تجد إنسانا لايجد قوت يومه أو يسد رمقه، ولذلك اعتبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من كان عنده قوت يومه كأنه حيزت له الدنيا.

هذه الدنيا التي يتكالب عليها الجميع ما بين جامع لثروات فيها من حلال وآخر طامع للخلود فيها جامعا ثرواته من حرام ثم يتركها لامحالة عاجلا أم آجلا، كل هذه الدنيا لا يحتاج فيها الإنسان إلا لكسرة خبز تسد جوعه، وشربة ماء تروي ظمأه، وطمأنينة من غدر أو خيانة، وحرية يدلي من خلالها برأيه.

هذا الإنسان الذي يتجبر على الأرض ويظن أنه مالكها إذا شح عنه الطعام والشراب يصبح هيكلا عظميا، وما خلق الله إنسانا أو كائنا حيا إلا وجعل له رزقا معلوما ولكن الفساد الكوني هو الذي يتسبب في كوارث هنا وهنا.

الصومال بلد إفريقي غني بموارده الطبيعية الوفيرة فهو يطل على خليج عدن والمحيط الهندي ولو كانت هناك حكومة قوية مسيطرة فعليا على مقدرات البلاد وحدوده لما وصلت الحال إلى هذه المجاعة المؤلمة.

الصومال منذ سقوط محمد سياد بري في عام 1991 والذي كان يعتبر في عصره دكتاتورا، تفاءل الصوماليون خيرا بعد سقوطه ومنوا النفس بعهود جديدة من الرخاء والرفاهية في ظل دولة جديدة على أسس من الديمقراطية فإذا بهم يجدون دولتهم في مهب الريح في تصارع محموم بين جنرالات الحرب لم يتوقف، فطمعت أثيوبيا في الحدود، وانعزلت هرجيسيا وأعلنت إقامة جمهورية أرض الصومال التي لم يعترف بها أحد، وظلت الصراعات قائمة بين الجنرالات للسيطرة على منطقة هنا وأخرى هناك، وبفعل تدخلات خارجية لتحقيق أهداف خاصة.

الصومال الدولة، والصومال الشعب، يدفعان الثمن الغالي فأبناء الصومال تشتت الملايين منهم في بقاع الأرض ولم تخل من وجودهم دولة ما بين كندا وأمريكا حتى اليمن التي لجأ إليها الكثيرون أيضا عبر قوارب بدائية كان الموت للعديدين منهم أقرب إليهم من وصولهم للشاطئ طالبين فقط الأمن والأمان!.
الجوع الذي يضرب الصومال بقسوة بعد موجة جفاف عاتية ليس الأول ولن يكون الأخير إلا إذا توجهت الأمة العربية بكل قوتها إلى هناك بعد إيقاف آلة الحرب القاسية المدمرة التي تجتث الأخضر واليابس في ربوع الصومال، فلن تقوم للصومال قائمة مادامت حرب الكر والفر مستمرة بين أبناء الشعب الواحد وهذه نقطة أولية يتحملها أبناء الصومال.

النقطة الثانية هي دور المنظمات الإنسانية العربية أولا قبل العالمية في الحركة السريعة بإقامة جسر جوي لإيصال المساعدات العاجلة من أدوية لمعالجة المرضى نتيجة سوء التغذية وتقديم الغذاء الصحي والمياه وحفر آبار في مناطق مختلفة لسد حاجة هذه المناطق من المياه ثم إقامة مشروعات دائمة لأهالي هذه المناطق.

الجوع الذي يضرب بأطنابه الكثير من مناطق العالم تقابله وفرة في العديد من المناطق أيضا تصل إلى تخلص بعض الدول الكبرى من الكثير من إنتاجها من الحبوب وغيرها حتى تحافظ على الأسعار المرتفعة التي تعودت على البيع بها.

إن وجود مجاعة في جزء من العالم لا يعفي الدول الغنية من مسؤولياتها حتى ولو كانت في هذه المناطق المتضررة حروب وصراعات لأن الكثير من خيوط هذه الصراعات ما زالت في يد قوى خارجية تعبث بمقدرات هذه الدول الضعيفة التي لم تتعلم الدرس بعد رغم مرور عشرات السنين وسقوط مئات الآلاف من مواطنيها قتلى أو جرحى ورغم ذلك يظل الوثوب إلى السلطة هدفا للعديدين ولو على جمائم أبناء الوطن أو إفناء مقدراتها كاملة وما يحدث في ليبيا وسوريا خير دليل على ذلك ويؤكد ما يحدث بالصومال منذ أكثر من عشرين عاما.

"لو كان الجوع رجلا لقتلته" قالها علي رضي الله عنه فما أقسى أن ينام إنسان على وجه الأرض ولا يجد مايسد رمقه وفي بقعة أخرى تلقى الأطعمة في البحار حتى لاتنخفض أسعارها أو في النفايات بعد موائد عامرة لايؤكل منها سوى القليل وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء بقوله "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره إلى جواره جائع" والجوار يشمل الدول أيضا.


http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=587345&version=1&template_id=24&parent_id=23

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

الله يعطيك الف عافيه يا استاذ سامي مقالاتك في قمه الجمال

سامي زكريا يقول...

جزاك الله خيرا مع الشكر