الأحد، 28 أغسطس 2011

واختبأ القذافي في الزنجة نشرت بتاريخ 28-08-2011


واختبأ القذافي في الزنجة
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث مصري  


أراد القذافي سوءًا بشعبه فهددهم أنه لن يترك بيتًا أو زنجة إلا وسيطهرها من الثوار الذين أطلق عليهم تسميات يعف اللسان عن ذكرها فوقع هو في الفخ وأصبح مطاردًا ويبحث عنه الثوار في كل بيت أو زنجة.
 هكذا شاءت الأقدار أن ينقلب السحر على الساحر وينكشف لنا قدر بعض الزعماء العرب الذين منحوا أنفسهم هالة إعلامية تخفي الحقيقة المرة التي لاتعرفها الشعوب. العقيد معمر القذافي ظل لغزًا محيرًا طيلة فترة حكمه فهو عميد الزعماء العرب، هكذا كان يصف نفسه في بعض القمم العربية التي لم تكد تمر إحداها إلا ويترك بصمته فيها بالمغادرة أو التعليق غير الطبيعي وكأنه يريد أن تتوجه إليه الأنظار فلا يهمه نجاحًا للقمة أو فشلا فكله سيان عنده ما دامت الكاميرات ستصوب عليه ووسائل الإعلام ستكتب عنه.
العقيد القذافي أراد أن يصبح زعيمًا للزعماء العرب ففشل، فاتجه للدول الأفريقية علها توافق أن يكون زعيمًا عليها فلم ينجح أيضًا سوى في تغيير مسمى منظمة الوحدة الأفريقية التي تأسست عام 1963 لتصبح الاتحاد الأفريقي في عام 2002، ولم يمل البحث عن الزعامة بأي ثمن حتى نصبته بعض القبائل الأفريقية بعد أن أغدق عليها من أموال الشعب الليبي لتوافق على تنصيبه ملكًا عليها وليضع ضمن قائمة تسمياته ملك ملوك أفريقيا.
المتابع لتاريخ العقيد القذافي يكاد يضحك أو يبكي سيان لأنه سيجد شخصية متناقضة في كل شيء قد يدعو إلى شيء ويفعل عكسه تمامًا ولنا أن نتذكر طرده الجالية الفلسطينية من ليبيا وتركها في وضع بائس على الحدود في الوقت الذي كان يطالب فيه بحقوق الفلسطينيين، وقيامه بالدفاع عن صدام حسين في الوقت الذي ارتعد وارتعب بعد دخول القوات الدولية العراق والإمساك بصدام حسين وإعلانه في خطوة غير طبيعية بالمرة تسليم المفاعل الذري الذي تم تجميع أجزائه في ليبيا على مدى سنوات بل وإيصاله بكل مكوناته للولايات المتحدة الأمريكية التي فوجئت بخطوته، حتى تعفو عنه ولا تفكر في الإيقاع به كما فعلت مع صدام، ليأتي بعد ذلك في مؤتمر القمة العربي متحدثًا ومعاتبًا العرب على سكوتهم عن ما يحدث لصدام والعراق في مفارقة غير طبيعية، والأغرب من ذلك أنه سلم الولايات المتحدة الامريكية قائمة بالعلماء الذين شاركوا في مشروع المفاعل الذري الليبي ففتح باب جهنم على الكثير من العلماء الذين ساعدوه، وكان على رأس القائمة أبو القنبلة الباكستانية العالم النووي الشهير عبد القدير خان الذي أصبح مطاردًا بعد ذلك وسُجن وضُيق الخناقُ عليه بسبب قيام القذافي بإفشاء أسرار البرنامج النووي الليبي بلا أدنى مسؤولية أو حرص على من ساعدوه في البرنامج النووي الليبي.. وكل هذا كان خوفًا من القوات الأمريكية وحتى يتحاشى أن يؤول لمصير صدام حسين.
القذافي قدم كل المطلوب لأمريكا حتى تعفو عنه وتتركه وشأنه بعد دفع الثمن، ولكن الأقدار كانت له بالمرصاد، ليأتيه الرد من مأمن، من شعب أراد أن يستنشق عبير الحرية حتى لو دفع الثمن دماءً ودمارًا، فقد توعد القذافي الثوار أنه لن يستسلم بل سيحول ليبيا إلى جحيم، وسيبحث عن هؤلاء الباحثين عن الديمقراطية "زنجة زنجة ودار دار"، ونفذ ما توعد به شعبه، فدمّر المدن والقرى بسلاح ثقيل وأعوان ومرتزقة اشتراهم بماله، فقتل عشرات الآلاف حتى أراد الله أن يذوق هو العذاب ويهرب مثل الجرذ بمثل ما وصف به شعبه أنهم جرذان ويتعاطون المخدرات، فهل من عاقل يتهم شعبه بمثل هذه الصفات؟!!، إنه لشيء محزن أن يكون الرئيس الذي حكم أكثر من أربعين عامًا بهذه الأخلاق التي لا يستطيع الإنسان وصفها، فما صدر منه ينبئ عن ألفاظه الطبيعية وصفاته الحقة التي داراها وأخفاها عن طريق الإعلام الموجه الذي للأسف الشديد يكون في خدمة السيد.

المأمول أن تسود الديمقراطية الأراضي الليبية فهي ليست بأقل من دول أوروبا التي يُعرف فيها أي مسؤول قبل توليه ويُعصر في مناظرات هنا وهناك فينكشف أمره فيستبعد إن كان طالحًا أو يرتقي إن كان صالحًا.
فهنيئا لليبيا وشعب ليبيا الخلاص من دكتاتور أراد بليبيا أن تظل بعيدة عن التطور الذي يشهده العالم في ظل ثروات ليبية كانت كفيلة بنقل ليبيا نقلة هائلة، ولكن المؤكد أن الشعب الليبي سيبدأ في بناء دولته على أسس جديدة تحترم حقوق الإنسان مع إقامة مؤسسات وبنية جديدة تتواكب مع تطور العصر.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=589543&version=1&template_id=24&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: