الأحد، 4 سبتمبر 2011

عيد جديد نشرت في 04-09-2011م

عيد جديد
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
 Samy583@hotmail.com   

عيد جديد بكل ما تحمله الكلمة من معنى يمر على الأمة الإسلامية، فقد وصف الشاعر أبو الطيب المتنبي حال الأمة في العيد بقوله "عيد بأية حال عدت ياعيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد"، الآن نستطيع أن نقول نعم يوجد جديد بعدما اعترى السكون الأمة العربية والإسلامية خلال العقود الأخيرة حتى ظنت الأمم الأخرى أننا أمة من الموتى أو أمة مستكينة فلا حراك ولا تقدم ولا وجود لأمل في تطور تشهده العديد من دول العالم، ليأتي الطوفان الشعبي ليغير هذه الأفكار التي التصقت بالعقول فإذا بهذا المارد العربي يخرج من قمقمه معبرا عما يجيش في صدره معبرا ومغيرا في آن واحد، ليأتي عيدٌ جديد، عيدٌ مختلف تماما عن سابقيه، عيدٌ ليس فيه زين العابدين بن علي أو حسني مبارك أو معمر القذافي وفي الطريق قد يكون بشار الأسد وعلي عبد الله صالح.

إنهم رؤساء دول لعشرات من السنين فما توقع أحد أن تكون نهاية حكمهم بهذا الشكل، فقد فر أحدهم هربا، وقدم آخر للعدالة ليلقى محاكمة عادلة تظهر بعض الحقائق في قضايا فساد عمت البلاد على مدى سنوات عديدة، وثالث ترك السلطة تحت وطأة السلاح ومازال ملاحقا، والآخران على الطريق نفسه.

يعود العيد من جديد وشعب سوريا الصامد يقدم التضحيات اليومية وما يئس أو تراجع رغم الدماء التي يقدمها في ظل نظام قمعي دموي لأن رياح الحرية ليست منه ببعيدة ولو تمادى الظالمون في غيهم وازدادوا قسوة على قسوتهم لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وما دام الشعب أراد الحياة بحرية وكرامة فإن القدر سيستجيب وسيكون النصر حليفه لامحالة.
يعود العيد من جديد وشعب اليمن الصامد ما زال مصرا على التغيير السلمي رغم الترسانة المكدسة بيد الشعب، فهو شعب مسلح بطبعه فلا يخلونّ بيت من سلاح، وطرق اليمن وعرة ويصعب السيطرة عليها، ومع ذلك ارتقى اليمنيون ببلدهم فجنبوها صراعا أراده المسؤولون وظلوا يرفعون الشعار الأقوى والأمضى من السلاح "سلمية"، ولذلك فإن تقديرهم في عيون الآخرين يزداد يوما بعد يوم لصبرهم شهورا ومازالت مطالبهم بالتغيير قائمة، وبكل تأكيد سيصلون إلى مرادهم.

العامل المشترك والذي لا تخطئه عين منصفة هو هذا الشعور الوطني العميق الذي تقدمه قطر في الوقوف مع كل مضطهد وتحركها الدولي الفاعل في كل المنتديات والمؤسسات العالمية والتضحيات العملية الملموسة التي تقدمها رغبة في مساعدة الشعوب العربية بكل ما تملك ما أكسب القيادة القطرية حب وثقة واحترام الشعوب العربية بل والعالم لمواقفها الفاعلة والمؤثرة مع الحق ومع الشعوب العربية في الوصول إلى ما تصبو إليه من حرية وديمقراطية وعدالة.

سيذكر التاريخ أن قطر الجزيرة كانت الساعد الأيمن للإنسان العربي في كل مكان حتى ولو جلبت عليها هذه المواقف غضب البعض من الحكام لأن مواقفها أثبتت روحا عربية أصيلة في مساعدة المحتاج وقت الشدة بلا منّ أو مطالب، وما زالت تقف الآن مع الشعب الليبي الذي عانى كثيرا فإذا بأيد عربية أصيلة تمتد إليه وتقف معه وتؤازره في الوصول لمبتغاه ولذلك عبر المجلس الوطني الانتقالي الليبي عن امتنانه وتقديره للموقف القطري وقال إن الشعب الليبي لن ينسى موقف الشعب القطري والقيادة القطرية.

الموقف القطري أيد المطالب الشعبية الليبية منذ اللحظة الأولى للثورة ولم يحسب حسابات هنا وهناك كما فعلت دول كثيرة ومنها الموقف الروسي الذي ظل منتظرا حتى أيقن أن النصر للشعب فأيده أما قطر فبدأت مع الشعب حتى حقق المراد بإزاحة سلطة باغية من أجل حياة كريمة.

هنيئا للشعوب العربية بالعيد الجديد وبنسمات الحرية التي انطلقت من تونس فعبَرت إلى مصر ثم ليبيا، وسوريا على الطريق مع اليمن ولو طال الانتظار.
عيد جديد بثوب جديد لأبناء العروبة، ثوب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وعدم الخوف من الملاحقات الأمنية التي تعودت عليها القيادات المخلوعة.
مع الأمنيات بعيد قادم تستقر فيه الأجواء وتثبت الديمقراطيات المنشودة مع سير عجلة الإنتاج من أجل إنسان عربي جديد في عيد جديد. وكل عام وأنتم بخير.

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=590423&version=1&template_id=24&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: