الأحد، 3 يوليو 2011

مصر فوق الأهلي والزمالك نشرت بتاريخ 3-07-2011م



مصر فوق الأهلي والزمالك

بقلم: سامي زكـــــــريا
 كاتب صحفي وباحث مصري      Samy583@hotmail.com



التعليم والاقتصاد والصحة والطرق والمواصلات والإسكان والرياضة وجميع المصالح والخدمات ليست معزولة عن بعضها لأنها تمثل مجموعة النظم التي تشكل حياة الفرد والأمة بأكملها، وما وجدت البرلمانات ومجالس الشعب والأمة والوزارات إلا لخدمة هذه المصالح وتمهيدها للشعب.
كثيرا ماينادي المنادون ممن يتولون شؤون هذه المصالح والخدمات بفصل هذه الجهات عن بعضها البعض من أجل الاستئثار بأعمالهم التي يشغلونها، مع الادعاء بأنهم العارفون فقط والعالمون ببواطن الأمور في هذا العالم، فلا يقبلون نقاشًا ولا نقدًا فيما أوكل إليهم لأنهم "أبو العريف" كما يقولون.
هذا التفرد بالفكر أو المنصب أخاف أصحابه من كل شيء وانطبق هذا على كثير من أصحاب الوظائف فأصبح شعارهم لا أسمح لأحد أن يتدخل في عملي فاستلم المسؤولون الخيط ورفعوا شعار لاتتدخل في السياسة فالسياسة لها رجالها.
السياسة ليست منفصلة بأي حال من الأحوال عن أي مما ذكرت فالمواصلات والتعليم والصحة والطعام والمياه والرياضة كلها سياسة ومن يدعي غير ذلك مخطئ، وإذا كانت العلاقات الدولية لها رجالها القائمون عليها فإن السياسة تتغلغل في كل شؤون الحياة، ولم يطرح شعار لاتتدخل في السياسة إلا لتخويف الشعوب من الحديث في أي أمر قد يمس الكبار فقط لاغير.
الرياضة الآن لايستطيع أحد أن ينكر أنها أصبحت في بؤرة وعمق السياسة، فكثيرا ما كان يركز عليها إعلاميا من أجل إلهاء الشعوب بها عما سواها من أحداث، وفي أحيان أخرى قد تتسبب مباراة تقام بين دولتين في أزمة سياسية بينهما تصل لحد خطير كما حدث بين مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم الماضية المؤهلة للأدوار النهائية التي أقيمت بجنوب أفريقيا، ولو كانت هناك حدود مشتركة لوصلت الأمورلأبعد مما رأينا، وقد حدث ذلك من قبل بين هندوراس والسلفادور بعد مباراة بين البلدين تسببت في حرب عسكرية بينهما.
منذ أيام طلب اتحاد الكرة المصري تأجيل مباراة كرة قدم بين ناديي الأهلي والزمالك المصريين تخوفا من عدم سيطرة الأمن على الأمور، ولكن المجلس العسكري بحسه السياسي العالي رفض هذا التأجيل، الذي كان من شأنه إعطاء رسالة للعالم بعدم وجود أمن، وبالتالي سينعكس على السياحة بإلغاء الحجوزات التي بدأت تتعافى شيئًا ما، وقد يؤثر أيضا على البورصة والاقتصاد بوجه عام.
القرار الذكي المدروس من قبل المجلس العسكري بإقامة المباراة في موعدها المقرر كان ينبغي أن يتفهمه المسؤولون عن الفريقين ويرتقوا بالأداء بعيدًا عن النتيجة، ففي كل الأحوال هي مباراة في كرة القدم الهدف منها إمتاع المشاهدين بلمسات كروية مما يبرع فيه البرازيليون، ولكن هيهات بين العقول العربية وغيرها، فالعقول العربية مازالت متكلسة، والجيل الموجود والذي في يده زمام الأمور في الناديين وخصوصًا في نادي الزمالك لم يتغير، ولمَ لا فقد كان مدرب الزمالك الحالي من مؤيدي الرئيس السابق وزمرته الفاسدة وأشعل فتيل أحداث ومشاكل كثيرة لاتعد ولاتحصى بداية من الجزائر وليس انتهاء بالمباراة الأخيرة.
ماحدث من حسام حسن مدرب الزمالك في هذه المباراة كاد أن يتسبب في كارثة ، فالحكم كان هولنديا مشهودًا له بالكفاءة العالية، والأمن مع المؤسسة العسكرية سيطرا على الوضع بشكل حاسم، ولم يكن هناك أي مبرر لهذه الأحداث غير الضرورية، فالدوري ليس فوق مصر، فليأخذ الزمالك الدوري، أو يأخذه الأهلي سيان، أما إذا كان سيتسبب في مس مصر بأي أذى فالأولى أن يلغى لأن مصلحة مصر فوق الجميع.
ما استفزني أنه عند النقاش مع مدرب نادي الزمالك حسام حسن ومواجهته في أحد البرامج بأن أمن الوطن كان يجب أن يكون حاضرا لديه وهو الأهم كان الرد بقوله: أترك الحديث عن الوطن و..... لنتحدث عن المباراة.
ما يؤلمني حتى اللحظة هو عدم وجود الحس الوطني الذي قاد به شباب الثورة ثورتهم، ويبدو أن المستفيدين من الحكم السابق الفاسد مازالوا يحنّون إليه، ولذلك فإن موقف الحكومة الحالية مع المؤسسة العسكرية يجب أن يكون حاسمًا، فليذهب الدوري والكأس إلى الجحيم إذا تعارضا مع مصلحة مصر، ومن كان معارضا للتغيير أو مازال يعيش بعقلية ماقبل الثورة فبيته أولى به، ولا يجب أن يُفرض على مصر وشعب مصر ما بعد الثورة من هو ما زال يحن لمصر ما قبل الثورة، لأن مصر الآن بقدر حاجتها للحسم من المؤسسة العسكرية فإنها في حاجة إلى رجال وعقول وسلوكيات جديدة تقودها لبر الأمان.

ليست هناك تعليقات: