الأحد، 25 سبتمبر 2011

الدولة الفلسطينية والمواقف الدولية نشرت بتاريخ 25-09-2011م

الدولة الفلسطينية والمواقف الدولية
بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث    
  Samy583@hotmail.com

الدولة الفلسطينية هي حق مشروع للشعب الفلسطيني -شاء من شاء وأبى من أبى- على قول "أبو عمار" رحمه الله.
دولة فلسطين ليست دولة تنشأ من جديد، بل هي دولة اغتصبت بمؤامرة دولية لتمنح لطائفة إرضاء لها من جهة، ولإبعادها عن الدول الأوروبية من جهة أخرى، وبكل صفاقة تكاتفت دول وجماعات على سرقة دولة ومحاولة طمس هويتها وتغيير بنيتها، فقد كانت فلسطين دولة قائمة بشعبها وكيانها وحدودها وعملتها وحكومتها وبيئتها التحتية.
صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 من الأمم المتحدة ورُفض عربيا لأنه أعطى شيئا لا يملكونه "الأوروبيون" لمن لايستحقه "الإسرائيليون"، وظن العرب أنهم سينهون الوضع فإذا بالأمور تزداد سوءا بهزيمة ساحقة لهم في 1967م، خفف من وقعها انتصار 1973م لتبدأ بعدها محاولات السلام بتنازلات عربية كبيرة لم تصل حتى إلى التقسيم الذي رفض من قبل وليوافق العرب على التنازل عن الكثير من الأراضي مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م ومع ذلك تماطل إسرائيل وتبيّت نيتها في التهام الأرض العربية كاملة، وما حديثها عن السلام إلا للاستهلاك العالمي واكتساب الوقت لتنفيذ مخططاتها.
دولة فلسطين يجب ألا تأخذ هذا القدر من الضغوط والموافقات الدولية من أجل الاعتراف بها لأنها كانت قائمة، ودول كثيرة في العالم لم تأخذ هذا الجهد للاعتراف بها مع عدم وجود كينونة اعتبارها دولا ولكن الولايات المتحدة إذا أرادت للمنظومات الدولية أن تعترف بهذه الكينونات الهلامية دولا فما من أحد يجرؤ على الوقوف في طريقها، وإذا أرادت أن تقف ضد حقوق دول كانت قائمة مثل دولة فلسطين فإنها تبتز الآخرين بقوتها الضاغطة من أجل الوقوف ضد الوصول لهذه الحقوق.
دولة إسرائيل التي اغتصبت أرضا ودولة، اعترف بها العالم لأن القوى الكبرى تريد ذلك، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحت أداة لإيذاء الدول المجاورة والاعتداء عليها، فما تجرأت منظمة على إدانتها أو تنفيذ قرار واحد في صالح جيرانها، وهو ما يؤكد أن هذه المنظمات ما أقيمت إلا للابتزاز والسيطرة على الدول الضعيفة أو المستضعفة والاستيلاء على مقدراتها السياسية وتوجيهها بالقدر الذي يفيد الدول الاستعمارية السابقة ولو بأدوات داخلية من تلك الدول.
الثورات العربية أخذت اتجاها آخر فيه من القوة والشجاعة ما يمكنها من مجابهة هذه القوى الموجِّهة فقد أصبحت القيادات برضى شعوبها وقياس الرأي العام يؤخذ بالاعتبار في تحركات هذه القيادات، ولذلك فإن ما كانت تمارسه الدول الاستعمارية والكبرى ما قبل عام 2011م لن تستطيع تمريره بعد ذلك، لأن الكثير قد تغير وبالتأكيد كانت القضية الفلسطينية جزءًا من دوافع التغيير العربية فقد ظلت القضية تراوح مكانها عقودا رغم الوعود المخدِّرة التي كانت تطلق هنا وهناك بقرب الوصول لحل للصراع العربي الإسرائيلي ولكن بلا فاعلية، فاليد التي تريد حلا فعليا يجب أن تمارس ضغوطا على الطرف المتملص من تنفيذ أي اتفاق في سبيل الوصول للحل المنشود، وقد أعلنها صريحة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نتنياهو منذ سنوات بعد أن سقطت حكومته السابقة وأصبح في المعارضة، قال حينها إنه لو استمرت المفاوضات معه للأبد فلن يعطي الطرف العربي والفلسطيني شيئا وستظل المفاوضات من أجل المفاوضات فقط، ولذلك عندما عاد مرة أخرى لتبوؤ منصب رئيس الوزراء أعاد كرّة الحديث عن السلام كما كان يفعل من قبل بلا أي تغيير على أرض الواقع في النتائج بل يفعل العكس تماما، فقد أعطى الموافقات بإنشاء المستوطنات في كل مكان وخصوصا في القدس الشرقية حتى يمحو كل وجود عربي فيها وبالتالي يغير التركيبة الديموغرافية لها لتصبح يهوديتها أمرا واقعا، فعلى ماذا يكون التفاوض معه بعد ذلك، في ظل مناداته حتى أمس بالاعتراف بيهودية الدولة أي طرد الفلسطينيين منها بعد ذلك بناء على هذا الاعتراف.
طلب مقعد الدولة الفلسطينية هو طلب عادل بعد أن استمرت المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية لعشرات السنين بلا أية نتائج تذكر، فعلى ماذا يعول الرئيس الأمريكي وأركان حكومته وهو بالتأكيد على دراية أن المفاوضات لن تتمخض عن نتائج ولو استمرت لعشرات السنين، أم أنه تراجع عما طالب به في بدء ولايته بوجوب إقامة دولتين بعد ضغوط مورست عليه من اللوبي اليهودي، وطمعا في فترة حكم ثانية أصبحت انتخاباتها على الأبواب؟.
المطالب الفلسطينية بالاعتراف بدولتهم مشروعة ويجب أن تستمر بخطوات إيجابية -حتى لو قطعت الولايات المتحدة المساعدات التي تلوح بقطعها عنهم إذا لم يوقفوا طلبهم الاعتراف بدولتهم- لأن كل تأخير في مطالبهم ليس في صالحهم، وعلى الدول العربية المسَاهَمة في تقديم الدعم المطلوب لهم وتعويضهم عن ما يقطع من مساعدات هنا أو هناك لأن المكاسب العربية بمواقف سياسية موحدة والحصول على ما يطلبوبه سيغير نظرة العالم لهم في أي مطالب قادمة، وسيكون الإثبات عمليا أن السياسات العربية بعد2011 تختلف جذريا عنها قبل 2011م، وسنكتسب احترام العالم كله حتى الدول المعادية وستتبدل مواقف دولية كثيرة في مصلحتنا إذا أكملنا طريق الاعتراف بدولة فلسطينية، بدأها أبو مازن بتقديم الطلب للأمين العام للأمم المتحدة منذ يومين ومازالت الطريق تحتاج جهدا ومثابرة، فهل نتمم ما بدأنا به أم نتراجع وبالتالي تتراجع القضية أيضا؟.
 

كاتب مصري
Samy583@hotmail.com

http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=594113&version=1&template_id=24&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: