الصراع بقلم: سامي زكريا كاتب صحفي وباحث مصري Samy583@hotmail.com | |||||
المتابع للشأن الإسرائيلي يتيقن كل يوم أن هذا الكيان سيظل التهديد الأخطر للمنطقة لأنه يمارس العنصرية وينفي قيامه بذلك في الوقت نفسه، ويهدد دول المنطقة ويدعي تهديدها له، ولكن مايميزه أنه يأخذ بكل سبل العلم والتطور من أجل الحفاظ على قوته. بالأمس استوقفني خبر نقلته وكالات الأنباء عن وصول حجم مبيعات السلاح الإسرائيلية إلى 18.8 مليار دولار لتصبح خامس أقوى دول مسيطرة على مبيعات السلاح في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا، الأمر الذي يجب أن تتوقف عنده الدول العربية بشيء من التمحيص والبحث في دلالته وتأثيره على المديين القصير والطويل. الكيان المغتصب أو مايسمى بدولة إسرائيل دائما ما يدعي أمام المنظومة الدولية بديمقراطيته وأنه دولة قانون ومؤسسات في وسط منظومة عربية لا تمارس هذا الفكر مع مواطنيها، ويمارس أبشع أنواع الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني من قتل وهدم وطرد وتعسف فإذا ما ضيق عليه الخناق دوليا كانت الحجة أنه يقوم بالدفاع عن نفسه وأن لديه مؤسسات تحاسبه على أفعاله. في الجانب العملي مبرراته صحيحة من وجهة نظره لأنه لن يكون في يوم من الأيام حريصا على الفلسطينيين والعرب، بل يتمنى التخلص منهم بأي وسيلة كانت، واهتمامه منصب على كيفية البقاء والحفاظ على ديمومته في محيط عربي إسلامي ولذلك أخذ بسبل العلم المختلفة فأصبح متفوقا في العديد من المجالات على جيرانه العرب. أهم المجالات التي اهتمت وتهتم بها الدولة العبرية هو المجال العلمي وخصوصا البحث العلمي الذي تنفق عليه حوالي 2.7 % من ميزانيتها في الوقت الذي لاتتعدى فيه ميزانية البحث العلمي في الدول العربية أرقاما عشرية من الواحد أي أنها لا تصل حتى إلى واحد بالمائة في عدد كبير منها. الاهتمام العلمي جعل الدولة العبرية متفوقة في الزراعة خصوصا الزراعات المحمية واستصلاح الاراضي الصحراوية وغيرهما ما أهلها للاكتفاء الغذائي تقريبا بالإضافة إلى تصدير العديد من المنتجات الزراعية للدول الأوروبية وغيرها. في المجال التكنولوجي تقدمت بشكل جعلها إحدى الدول المصدرة في هذا القطاع المهم بمليارات الدولارات مع إقامة العديد من الشراكات مع دول أخرى، وقد يكون لبعض هذه الدول تأثير سياسي سلبي على الدول العربية، في الوقت الذي تعتمد فيه معظم الدول العربية على تصدير المواد الخام المعرّضة للنضوب خلال سنوات. الدولة العبرية لديها تكنولوجيا نووية وقنابل نووية منذ عشرات السنين في الوقت الذي لاتمتلك فيه الدول العربية مجتمعة قنبلة واحدة، بل إن تكنولوجيا صواريخ إطلاق الأقمار الصناعية للبث التليفزيوني ينفق فيها العرب الملايين بعد شرائها كاملة "من الألف إلى الياء" من دول أخرى، أما إسرائيل فتقوم بكل ذلك بصواريخ وأقمار من صنعها. إذن عندما تعلن إسرائيل أنها اقتربت من التسعة عشر مليار دولار في صادراتها من الأسلحة فإنها تضرب عدة عصافير بحجر واحد، فليس جديدا أنها ضمن الخمس دول الأولى في العالم بتصدير السلاح فهذا وصلت إليه منذ عشرات السنين، ولكن رقم المبيعات تضاعف من ثمانية مليارات في الثمانينيات من القرن الماضي إلى مايقرب من تسعة عشر مليارا، وهي دعاية أولا وتخويف ثانيا وعبرة لنا ثالثا. دعاية للعالم بأنها دولة تعمل في مجال استراتيجي وتنافس فيه الدول الكبرى المسيطرة على هذا المجال، وتخويف ثانيا للدول العربية بأن قدرتها العسكرية عالية وخصوصا للدول المجاورة المتخوفة منها خصوصا بعد نجاح ثورة مصر وإقصاء رئيسها السابق الذي كان حرصه على أمن إسرائيل مبالغا فيه وبشكل ربما لن يحدث بهذا الاهتمام حتى من أقرب المقربين لها، وثالثا العبرة الأساسية هي التي يجب أن يتعلمها العرب من أنه لاغنى أبدا عن التطور الديمقراطي والعلمي لأنهما أساس البناء والنهضة، فيوم نتقدم في السلوك الديمقراطي بتداول السلطة كما يحدث لديهم ويوم تصبح ميزانياتنا في الدول العربية مهتمة بالتعليم والبحث العلمي وإنتاج مأكلنا وملبسنا وسلاحنا من أرضنا يومها فقط نباهي العالم بأننا أصبحنا أيضا واحة ديمقراطية وإنتاج. ما أود الإشارة إليه أن الصراع بيننا وبينهم ليس على الأراضي المحتلة فقط بل الصراع في كل المجالات وإذا كنا نريد التفوق عليهم فعلينا احترام الديمقراطية وإعلاء سلطة القانون والاهتمام بالإنتاج بكل عناصره الاقتصادية والعسكرية. | ||||||||
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق