الأربعاء، 15 يونيو 2011

المنطق المعوج نشرت بتاريخ 17-10-2011م

   المنطق المعوج      نشرت بجريدة الراية القطرية بتاريخ 17-10-2003م

  بقلم: سامي زكريا
 كاتب صحفي وباحث
 Samy583@hotmail.com
التعامل بمنطقين مختلفين لم يعد قاصراً على الولايات المتحدة في مجمل تعاملاتها مع قضايا الشرق الأوسط، بل إن هذا الأمر تعدى أيضاً الأمم المتحدة بقائدها الحالي كوفي عنان مروراً بكثير من دول العالم حتى وصل إلى عقر ديارنا في عالمنا العربي والإسلامي، وللدلالة على ذلك فإن المتابع للساحة السياسية والإعلامية يلمس هذا الأمر بلا أية مواربة وبمنتهى الوضوح ما أقصده من ذلك.

عندما تقوم المقاومة الفلسطينية بأي عمل مقاوم فإن العالم أجمع ينبري للإدانة والمناداة بوجوب مكافحة الإرهاب على كافة المستويات والصعد، فإدانة القيادة الفلسطينية وعلى رأسها قائدها السيد ياسر عرفات تكون في المقدمة مع العلم أن هذه العمليات تحدث داخل الخط الأخضر أي داخل العمق الإسرائيلي وفي الأراضي التي انتهى أمرها بأن أصبحت جزءاً من الدولة اليهودية، ومن الطبيعي أن تكون الإدانة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تثبت هذه العمليات البطولية فشلها وبالتالي لا يجب تحميل الجانب المحاصر إخفاق جبروت قوة تملك الأجهزة والمعدات العسكرية!، ومع ذلك فإن البيت الأبيض والقيادات العالمية تدين على أعلى مستوى، وتُصدر البيانات بأشد العبارات وأعنفها ولا تكتفي بالإدانة بل تحث الجانب الإسرائيلي على ارتكاب المزيد من الإجرام. وبالتالي فإن بلداننا العربية تكون على الخط وحتى لا تُغضب البيت الأبيض المتربص بها فإنها تُصدر بيانات الإدانة ولو أنها تكون أقل حدة.
المفارقة هنا وللأسف الشديد أن العدوان الإسرائيلي ومهما بلغ من شدة وقسوة ويصل إلى حد جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي فإن حتى مجرد الإدانة قد لا تحدث من دول كثيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة، وإذا ما صدرت بيانات ترضية لنا من بعض الدول أو الهيئات الدولية تكون على استحياء وفي أضيق الحدود.
ولكم مثال على ذلك ما قامت به القوات الإسرائيلية بكل همجية من تدمير رفح الفلسطينية وتشريد العشرات من أبنائها بعد تدمير منازلهم وقتل وجرح عدد كبير منهم ومع ذلك فإن الإدانة لم تكن بنفس تلك التي تصدر عند حدوث أي عمل مقاوم من الجانب الفلسطيني.
فها هو الأمين العام للأمم المتحدة يصدر بياناً يدين فيه استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في رفح وهو ما يعني ضمناً الموافقة على استخدامها ولكن "القوة زادت شوية" وهو منطق أعوج بكل المقاييس فما هو محلل للجندي الإسرائيلي محرم على المقاوم الفلسطيني.
المثير في الأمر أيضاً أن القنوات العربية تبث التدمير الذي تم في مخيم رفح مع كل ما فيه من قسوة وعنف على أنه أصبح أمراً عادياً، فهل أصبح الشعور العربي مجمداً أم أن الآخر نجح في إيصالنا لهذه الحالة من الاسترخاء والسكون؟
فيا لنا من أمة تضحك من نومها الأمم..
  1.            جريدة الراية القطرية  17/10/2003م       21شعبان1424هـ-الجمعة

ليست هناك تعليقات: